القوى التقليدية والتعددية الحزبية في اليمن تمثل حالة غير مستقرة، والسبب أن القوى التقليدية لم تعد تمثل قبيلة كما كان الوضع قبل 22مايو 1990م، بل حدث وعي لدى مكونات القبيلة وأصبحت القبيلة تشكل بعداً وطنياً يعمق الوحدة الوطنية لأنها تحررت من الهيمنة والسيطرة التي كانت تمارس ضدها من العناصر التي تدعي الأفضلية وتمن على أفراد القبيلة بالادعاءات الوهمية التي جعلت القبيلة ترضخ لتلك الادعاءات غير الموضوعية، وحدث عقب 22مايو 1990م التحرر الذي حجّم القوى التقليدية التي كانت تستقوي بالقبيلة. إن الوعي الذي جاء مع إعادة لحمة اليمن الواحد في 1990م قد خلق في ذهن الإنسان أهمية الدولة وعزز الولاء الوطني وأصبح ولاء أفراد القبيلة لليمن هو المهيمن والمسيطر على التصرفات؟ ولم يعد الفرد يستجيب لصوت القبيلة الذي يأتي في إطار الشر أو يمس الولاء الوطني أو يتعدى حدود الدستور والقانون، ولم تعد الظواهر السلبية التي تحدث تمثل القبيلة، وإنما مجموعة من الأفراد الذين تستغلهم عناصر القوى التقليدية ذات النزعة بادعاء الأفضلية دون غيرها بهدف الحفاظ عل مكانتها ومحاولة الضغط على أفراد القبائل بالخضوع لرغبات تلك العناصر مستغلةً بعض القضايا الحقوقية الخاصة بالأفراد. إن الوعي الذي شهده اليمن عقب إعادة لحمة اليمن الواحد بأهمية الدولة اليمنية القوية، قد مكن أفراد الشعب من الشعور بشخصيتهم أمام الآخرين، وأدركوا بأنهم كبار بولائهم لليمن، وأن الولاء المطلق لقدسية التراب اليمني هو البداية نحو بناء الدولة اليمنية القادرة والمقتدرة، وأصبح التعدد الحزبي بوابة لأفراد القبيلة للتخلص من استعباد عناصر القوى التقليدية، ورغم السلبيات التي يمكن الحديث عنها في التعددية السياسية إلا أنها فتحت باب التحرر من سيطرة القوى التقليدية وحجّمت عناصرها وقللت من استغلالها للأفراد. إن السؤال الذي ينبغي طرحه على الواقع ومناقشته بشفافية مطلقة هو: كيف تعاملت التعددية الحزبية مع العناصر التقليدية؟ وهل قامت الأحزاب بأدوارها الوطنية التي تعزز الاندماج السياسي وتحجّم عناصر القوى التقليدية؟ أم أن العناصر التقليدية انتقلت من القبيلة إلى الحزب؟ وهو ما سنتناوله في الأعداد القادمة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك