الزواج عقد بين اثنين، وشراكة تقوم على التراضي، كما هو أي عقد بين اثنين، ويستوجب شروطاً معينة؛ لإنجاح هذه الشراكة، والملاحظ في مجتمعاتنا العرفية أن هذه الشراكة الزوجية يُنفذها أطراف آخرون بالنسبة للمرأة! حيث لا يكون للمرأة دور فيها سوى أن تقول: نعم أو لا، وفي الأغلب لا يكون لها الحق حتى في وضع شروطها من مهر وغيره، والجلسة يتداولها الأهل والأقارب، بما يُرضي طموحهم من هذا الزوج الذي يرون فيه مشترياً يملون عليه السعر الذي يريدونه للمرأة، دون أن يسألوها ما المهر الذي تريده منه، أو شروطها التي يحق لها أن تضعها في العقد، كونها الشريك الثاني، وهكذا يتم الزواج!. وإن جلنا بأنظارنا نحو فض هذا العقد بين الشريكين الذي يسمى الطلاق، فهو في الغالب أيضاً يملكه الرجل! وفي أية لحظة يريدها ينهي تلك الشراكة، وبكلمة واحدة منه يستطيع أن يجعل من هذه المرأة امرأة مطلقة، لا تملك الحق هي أيضاً في فض هذه الشراكة، والتي أساسها عقد بين اثنين. كلمة يلقيها الرجل وينهي عقد الزوجية! أي عقد هذا يملك حق فسخه طرف دون الرجوع لشريكه؟ كيف تقبل الأمة أن تفهم نصوص القرآن بهذه الطريقة؟ الكثير من حالات الطلاق تقع من الرجل بكلمة واحدة لا يلقي لها بالاً دون الرجوع لأية جهة قضائية؛ لتعطي للمرأة الحق في أن تقرر فسخ هذا الزواج، أو لا تقرر، فكم من امرأة تمسي مطلقة، ويلحق بها الضرر هي وأولادها؛ بسبب زوج يرى أن بيده حق تقرير مصيرها، فالله عز وجل يذكر في كتابه آيات الطلاق بحضور الاثنين واتفاقهما، (وإن خافا ألا يقيما حدود الله)، (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم)، (فابعثوا حكماً من أهله وحكما من أهلها)، وهذه الألفاظ دليل حضور الاثنين عند قرار مهم مثل هذا، فما بال هذا الفهم القاصر الذي يعود بنا إلى ما قبل الإسلام، عندما كانت المرأة مجرد متاع يحق للرجل التصرف بها كيفما شاء؟ ولكني أقول: هو الجهل الواقع في المجتمع الذي يحيا في التقاليد والأعراف ظناً منه أنه الدين. وفي ذكر الطلاق يقول الله تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فمن أين أتى الفقهاء بتشريعهم أن الطلاق ثلاث مرات؟ وهذه الآية واضحة..؟.