الدين عقيدة لا شكل لها إلا الطاعة لله ولا لون لها إلا حسن المعاملة فالعقيدة الحقة هي السلوك أو المعاملة التي تترجم الإسلام في أقوال وأفعال إنسانية صادقة تظهر عمق هذا الدين وقوة تأثيره على الآخرين بما يثبت جدارته وأصولية مبادئه فهو الدين القيم الذي كان خاتم الديانات وخاتمة الرسالات، ولهذا يجب أن نكون كمسلمين عنواناً لهذا الدين الذي نعتنق ومنارات للحائرين ممن لا يستطيعون الخروج من دوامة البحث عن الحقيقة في بحر الحياة. ولكن وبكل أسف إن الكثير منّا يضرب أسوأ الأمثلة في شخص الإنسان المسلم والسبب يعود إلى كوننا مسلمين بالهوية.. وأما العقيدة المتجذرة فينا فهي عقيدة عرقية لا تخدم الدين ولا إنسانية شيء، وحين نتحدث عن أمرٍ كهذا فنحن بحاجة إلى تشريح كياننا الإنساني وفق مبادئ سلوكية ظاهرة لأننا في نهاية الأمر.. وكما أننا لا تستطيع قراءة الباطن الذي يخفيه الآخر لا نستطيع أيضاً أن نترجم سلوكاً يقترفه يتنافى مع عقيدة يزعم أنه يعتنقها فالأمر في غاية الصعوبة حين نعيش في ظل هذا التناقض الذي يزيد انتشار مساحة التعقيد دون أقدامنا. لهذا يجب أن يحذر المتدينون أو الملتزمون من الرجال والنساء من أن يكونوا قدوة سيئة وعنواناً كريهاً لهذا الدين الذي إنما بعث الله به خاتم الأنبياء والمرسلين ليكون متمماً لمكارم الأخلاق، وإنما الدين المعاملة كما قال صلى الله عليه وسلم: فأين الدين ممن يتخذ من اللحية والثوب الإسلامي ستاراً ليفعل خلفهما ما يشاء؟! وأين الدين ممن تتلفع بالسواد وهي تكفر الأخريات ممن لا يجرؤن على التبرج لكنهن لا يرتدين الحجاب الإسلامي بنفس طريقتها، حتى لتصل الغطرسة في كثير ٍ منهن إلى التعفف عن رد السلام إذا ألقته عليها امرأة على قارعة الطريق، أين هو الدين ممن يحفظ أو تحفظ القرآن ولا تعمل بآياته فعلاً، ألم يتفق العلماء أن حقيقة الإيمان “العقيدة” أن تكون إيماناً بالجنان وقولاً باللسان وعملاً بالأركان؟! وإذا عرفنا أن الجنان هي القلوب وأن الأركان هي كل ما شرع الله لعباده من خير فيعملوه وشر فيجتنبوه وفق الأحكام التكليفية الخمسة التي قوامها “الواجب، المندوب، المباح، المكروه، الحرام” فهل نسمي ما نعتنقه اليوم إسلاماً؟! وهل كان الإسلام يوماً ضيق التشريع، قاصر التطبيق؟! كلا والله بل نحن من ضيقنا الخناق حول إسلامنا وارتابت به نوايانا وتجرأنا على إعادة تصميمه في حلة جديدة تنسجم مع ما وصلت إليه مشاريعنا الديمقراطية فكأن قول الله تعالى {فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} يكاد ينطبق حرفياً على حالنا اليوم وأصبح من الضرورة أن نعيد النظر قولاً وفعلاً فالمسألة لم تعد فقط في عقيدة يمتطيها أبناؤها وإنما في قالب إسلامي يكاد يكون مرفوضاً أمام العالم لأنه لم يستطع أن يُترجم “بضم الياء” على يد أبنائه ممن اتخذوه لهواً ولعباً وغرتهم دنياهم بالخلود فإذا هم يفنون كما تفنى أسراب الجراد على وجه القفار العافرة بالجفاف. فاحذر أيها الملتزم أن تمسك السواك بيمناك وتخفي البندقية بيسراك، احذر أن تكره إسدال ثوبك ثم تحاول تعرية الآخرين من إنسانيتهم، احذر أن تمر على آيات الكتاب كما يمر البعض على صفوف الضعفاء والمساكين والمتعففين عن المسألة مرور اللئام لا مرور الكرام، واحذري أيتها الملتزمة ان تنظري لسواك نظرة احتقار يقلب الله بعدها قلبك إلى غير وجهةٍ كنت تأملينها، لا تأمني مكر الله وأنت تمنين عليه أن هداك للستر واعلمي أن كل ما اختلف حوله العلماء والفقهاء رحمة من الله جعلها للتخفيف عن عباده ولو شاء لجعل التشريع واحداً والأحكام نافذة لكنه أرحم الراحمين وهو الرحمن الرحيم فهل يجوز لك أن تنظري إلى سواك نظرة شزر وقد رحمها الله سعةً وتخفيفاً ؟! كوني عنواناً لدينك بحسن المعاملة وسعة الصدر واحترام إنسانية الآخر أمامك رجلاً كان أم امرأة وتذكري دائماً ان رسولنا الكريم كان قرآناً يمشي على الأرض فهل أنت كذلك ؟! الإسلام الحق ليس زياً ولا سحنة وإنما يُعرف “بضم الياء” المؤمنون بسيماهم فهل أنتم مسلمون وهل أنتم مؤمنون ؟! رسولنا كان صادقاً وليناً وأنيقاً ومرحاً فأين هذا كله في ملتزمي وملتزمات اليوم ؟!. رابط المقال على الفيس بوك