الكتابات الجيدة تكمن قوتها بقُدرتها على التصويب في الزاوية تسعين بحيث تتجاوز ماهيات الكاتب وانتماءه وتصنيفه الطبقي دُون أن تتحول إلى شهادة زور أو سيف مُناصر لسياسة جلاد أو تغييب للحقيقة . كُل ذلك يخلق لدى القارئ انطباعاً جيداً بما نكتب وبما نُنادي به من قضايا وما نصوغه من أفكار بحيث تكون قابلة للقراءة دون تحيز أو التمترس في وضعية مُعينة خدمة لطرف مُعين من هذه الكتابات . وإن إيصال رسالة مُعينة أو عدة رسائل دائما تكمن في التفاني الذي نشعر به والضمير الذي نحمله والذي يولد لدينا دائما شُعوراً بالذنب وبالألم والحزن كي نكتب هذا الشُعور بقالب أدبي أو ثقافي أو بأسلوب آخر . أن نشتهي عدالة أي قضية لابُد وإن ننتمي لها وُجدانيا كي نُؤمن بالنص الذي سوف نكتبه وهذا الانتماء دائما ما يُولد النصوص الناجحة القادرة على الغور في ثُقب وعقل القارئ كي يحكم على عدالة هذه القضية من عدمها . من كُل هذه المُنطلقات يُمكن القول إن تطور الفكر الإنساني وارتقاء المُؤسسات والمُنظمات الحُقوقية بسبب أن لديها قضايا جوهرية وإنسانية تُعاجلها بإيجاد السُبل المناسبة لحلها نتيجة الإيمان بعدالة هذه القضايا . ومن سالف الذكر القول أن مُجتمعات العالم الثالث والبُلدان التي تُعاني من قُصور في فهم طبيعة وثقافة شعوبها بمُحاولة كولستها في قوالب مُوجهة خدمة منها للحاكم أوجدت فخاً بين سياسات الارتقاء لهذه الشعوب وربطها بتطور وتوسع بطش الحاكم وبين تراجع نضال هذه الشعوب بسبب تقاطع فكرها مع فكرة حُكامها وإجهاضها ونُصرتها بالطُرق التي تُؤدي إلى انتصار الحاكم المُستبد . إن إيجاد المناخ المُلائم والقادر على توليد جيل يقرأ ويكتب ويُنادي بالحُرية وفق توجهاته كفيلة دائما بإنتاج مُجتمع معرفي يستوعب مصالحة المادية والمعنوية لتتولد أجواء ومناخات أكثر قُدرة على خدمة الإنسان في شتى طُرق وأساليب الحياة . فلا غرابة أن نجد حالة امتهان و سحق لكُل القضايا الوطنية والحُقوقية في بلد مثل اليمن طالما وأن توجهات العمل الإبداعي والفكري والحقوقي دائما ما يكون عبارة عن عملية انعكاس سلبية خدمة لجماعات الأحزاب وجماعات القرار السياسي دون الشعور بالانتماء الفكري القادر على تحرير عُقولنا وأفكارنا من حالات الكولسة ومن حالات الدفاع عن الأشخاص السيئين والفاسدين . وهذا شيء مُخيف وجدناه حتى في الحالات الإنسانية التي يتم التعاطي معها وفق البطاقة الحزبية والوساطة مع الأخذ بأي خانة ثورة يُمكن تصنيفها . بالجُملة يُمكن القول التشريع القادر على تأسيس ديمقراطية يتم التعاطي معها وفق مقياس البُعد الوطني هو البعد الأنجع القادر على دراسة تذبذب الحياة السياسية التي تُعاني من حالة تناقُضات كثيرة من قمة هرم السُلطة إلى قاعها وهذه التذبذاب خلقت حالة صراعات امتدت إلى داخل الأسرة اليمنية نفسها بدون أي وعي يُذكر . وأن الانتصار لما نكتب سوف يجد طريقا له في أجواء أكثر قُدرة على تغليب المصلحة العُليا من مصالح الأشخاص والجماعات بعينها. ويستحضرني مقولة للكاتب جورج كارلين والذي يقول (الحرب من أجل السلام مثل ممارسة الجنس من أجل العُذرية) . وهذا ينطبق إلى حد كبير على واقعنا المُزيف والذي نُنادي فيه بالحرية والديمقراطية وإيجاد حُلول للفقر ونحن نعلم جيدا أن عقلية النخبة السياسية تُعاني من حالة ثُقب كبيرة وتُمارس أقصى أساليب الإقصاء حتى مع المُنتمين والمُطبلين لها سياسيا وأخلاقيا. فالكتابات الصادقة كفيلة بالنقد والجلد للواقع المعقوف إن لم نكن مُجحفين ونقول إنها سوف تغير من ممالك سنحان وحاشد وبكيل وبقية الممالك اليمنية الأخرى . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك