مما لا جدال فيه أن القيادة السياسية وحكومة الوفاق الوطني حَظيتا وتَحظيان بدعم إقليمي ودولي غير مسبوق، ففي الوقت الذي تتخبَّط فيه دول “الربيع العربي” تنال اليمن عناية استثنائية من قبل المجتمعين العربي الخليجي، والدولي بشموله. وآخر تلك المؤشرات نراه في الاجتماع غير المسبوق لمجلس الأمن الدولي في العاصمة صنعاء، وهو أمر فريد من نوعه، ويحمل في دلالاته سلسلة من الرسائل الموجهة لمن يحاولون عرقلة التسوية السياسية التي لن تكتمل إلا بإنجاز المرحلة الانتقالية التي مدتها سنتان، والذهاب مباشرة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعد أن يكون مؤتمر الحوار الوطني قد أنجز مهمته بالترافق مع إقرار الدستور الجديد للدولة، والذي سيحدد شكل الدولة اليمنية القادمة، بوصفها دولة اتحادية، وقد تكون تلك الدولة الفدرالية مكونة من عديد الأقاليم المُشرْعنة تاريخياً، والموروثة من منظومتي الشمال والجنوب، وقد تكون قائمة على وحدة اتحادين فدراليين في الشمال والجنوب، بناء على مرجعيتي الشمال والجنوب، اللتين كانتا واقعتين قبل وحدة مايو لعام 1990.. تلك الصيغة المركزية الاندماجية المترافقة مع أوليغاركية الزعيم الأوحد، أوصلت اليمن إلى طريق شاهدُها ما نراه اليوم من هرج ومرج. انعقاد مجلس الأمن الدولي في اليمن يحمل تلك الدلالات والرسائل الواضحة لمن يهمه الأمر، فالمجلس يمثل إرادة سياسية وعملياتية دولية لا يقوى أحدٌ على التنطُّع بها ومجافاتها طالما توفَّر فيها الإجماع الدولي. لكن ذلك ليس حلاً سحرياً إلا إذا شرعت القيادة السياسية الشرعية الراهنة في سلسلة من التدابير العاجلة التي توازي هذا الدعم السياسي غير المسبوق من جهة، وترصف الطريق السالك لاستكمال المرحلة الانتقالية بصورة ناعمة، وتنزع فتائل الفتنة والحروب البينية، الباردة منها والساخنة، وصولاً إلى محاصرة الحروب الافتراضية المؤجلة. الملفات المرتبطة بالمعالجات العاجلة واضحة المعالم، ولا تتطلب سوى الشروع العملي في تدويرها السريع والناجز، ومن المؤكد أن ملفي الجنوب وصعدة يمثلان محور ارتكاز الحلول المطلوبة دونما تأخير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك