الكتابة ليستْ رفاهيّة ، إنّها حاجةٌ لعينة تُذلّك كثيرًا، وبعيدًا عن أيّ هراء،أنا أكتب لأنّي لا أملك خيارًا آخر بديلًا لعيش هذه الحياة المتعثرة .. قد تكون الكتابة ترفًا للسعداء ، لكنها بالتأكيد للتعساء حاجةٌ مؤلمة قد تندمل جراحهم بعدها ، أو قد تبصق عليها بعضًا من الملح ! الكتابة مضيعةٌ للوقت في بعض الأحيان .. فلو كان الكاتب يعيش حياةً جميلة بكل فرحها وترحها لن يحتاج للكتابة! البائس الذي لا يعرف من الحياة شيئاً ، يكتب ليعيشها بين الحروف كما يتصدّق عليه خياله! أما هؤلاء السعداء الذين يتطفّلون على الكتابة بكلّ ترفهم المزعج ، وبقرف وبجاحة الابتسامات التي يُحيكونها بحروفهم ؛ فستُستباح محابرهم يومًا ويُطعنون بأقلامهم ! ولأننا في زمن باتت الكتابة أرخص العطاءات فقدت العين شهيتها للقراءة وباتت الكتب تزّين الرفوف كما لو أنها كانت ديكوراً فقط وكان على الكاتب الذي ينزف أجزاء من روحه أن يبكيها حينما يلمس استهانة الأرض والبشر بمشاعره وعطائه بل ويمنعه من أبسط حقوقه حتى في البوح ! ولأننا في بلد توّزع للمبدع صنوفاً من (الجعجعة) و(البهذلة) كان عليّ أن أفهم أني سألاقي مشقة كبيرة في ادراج حرفي في قائمة أسماء مكدّسة ومغبّرة ، وحين أن أفكر بنشر كتاب عليّ أن أنتقي بلداً يهتم بالحرف ويلتهمه لا يهمشّه ويرميه جانباً ! (لا تصدقي أننا شعب نقرأ وأنكِ بعاصمة اليمن الثقافية) ..هكذا كان رد صاحب مكتبة تنتصف المدينة حينما وددت نشر كتابي الأول وبسعر زهيد ورفض استلامه ! .. آه وألف آه مُحرقة. وما تسليم الكتب لأيدي تجارية إلا سبب لنشره وضمان لوصوله لمن يقدسه يا أخ ،، يا إلهي ..كم يعبث فينا وسواس الماديات وهل ننظر إلى الحرف بعين المال ..بخس ثمنه إذن ! اعتدت دائماً على العيش بين الأحرف في جميع الظروف وأكثرها في الظلام القاسي. وأسلّم القلم هواجسي على طبق من صمت ليسلمها هو بدوره إلى حبره الذي لا ينضب. الكتابة الذي يطالب البعض بثمنها وإن كان زهيداً لم يكن ثمنها بيوم سوى تعرية الوجوه التي باتت تحمل الزيف أكثر من الملامح، وكما نطقت الكاتبة ريم محمود عن الكتابة : كتابُ الوجه ( الفيس بوك) : جعل وجوهنا بلا كتاب . أخرجنا من غرفنا للعالم عراة المشاعر, مفضوحين أمام ملايين الغرباء . رابط المقال على الفيس بوك