ينتظم في دوائر الكون الواقعية والافتراضية نفر من الناس، وهذا النفر من البشر ممسوسون بالحيرة المستديمة والتساؤل المتشظي في محارق الفكر واشتعالاته، وهم فيما يتبخترون على دروب التيه ينتظمون في دوائر المعاني، ويتحلقون حول نواميس الحياة، بتقلباتها وتفارقتها وانتظاماتها وتحولاتها، والحاصل أنهم يتمددون في أحضان الدوائر التي تعيد انتاج نفسها بكفاء التميمة القادرة على البقاء الأبدي، سواء تمظْهرت أو خَبَتْ وتلاشت، والشاهد أن الدائرة سر أسرار الوجودين العياني والخفائي معاً. الدائرة هي ذلك الشكل الكروي بالمعنى الهندسي، الموسيقي المتكرر بالمعنى النغمي، والخابي المتلاشي بالمعنى التجريدي، ولهذا فإن الدائرة من أكثر الهيئات قدرة على إعادة إنتاج نفسها، والتماهي مع تمظهرات الحياة، والقدرة على استكناه قوانين الوجود بكافة. على المستوى الرياضي تعتبر الخمسة رقماً دائرياً، ليس بالمعنى الشكلي فقط، بل أيضاً لأن الخمسة هي الرقم الوحيد الذي يُعيد إنتاج نفسه إذا ضُرب في نفسه، ويعيد إنتاج الناتج من ضرب الخمسة في خمسة إذا ضرب الناتج في خمسة. هذه ليست أحجية، بل تتطلب فقط إجراء عملية الضرب الحسابي الاعتيادي باستخدام الأرقام لإدراك مثابة الخمسة في سلم الأعداد، ولا بأس من العودة ل «رسالة العدد » المسطورة في «رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا» للتيقُّن مما أذهب اليه. وعلى المستوى الموسيقي تترافق الخمسة مع السلم الخماسي المحصور في إطار السلالم الموسيقية الخمسة الاولى، وبالتالي فإن السلم الخماسي يجاور السداسي ويتباعد قليلاً عن السباعي. الخماسي الموسيقي يتميز بإعادة إنتاج اللازمة اللحنية صعوداً أو هبوطاً، فيما يُسمى فنياً بالتكرار التطهري، وبيانه كامل الموسيقى العالمية المؤسسة على هذا السلم، وسنجد هذا السلم وظلاله في تهائم اليمن والمناطق الساحلية حصراً ..سميت سلالم موسيقية لأنها حالة صعود من أدنى لأعلى أو نزولاً من الأعلى للأدنى. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك