وقامت صناعة وتسويق واستهلاك (استخدام) الأسلحة وماتزال مستمرة على عقيدة التوحش البشري والعدوان على حياة الآخر مع سابق التصميم، وهي الآن من أهم وأخطر الصناعات السلعية المدرة للأرباح والثروة بدون ضوابط أو حدود، ولكنها غير مفيدة للاستهلاك البشري ضمن دائرة الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الدوائي والأمن البيئي، وهي تقف في الطرف المعاكس للقيم الإنسانية كنقيض وكمفترس متربص بالضحية على مدار ال24ساعة.. وهذه الصناعات تشبه فصيل الذئاب الطائشة دائمة البحث عن فرائسها، والتي تترك لها فرصة للنجاة وهي الأكثر جوعاً في التاريخ البشري، إضافة إلى أن أصحابها يخلقون التوترات والنزاعات والحروب لإعادة إنتاج سلعتهم الدموية التي أثبتت قدرتها على إبادة الشعوب وتدمير العمران والبنى التحتية في أي مكان وزمان وإحلال سكان جدد قابلين لعبودية رأس المال، وهذا ما حصل لشعوب الهنود الحمر والسكان الأصليين للأكوادور لمصلحة شركات النفط الأمريكية. ومصانع الأسلحة بكل أنواعها التقليدية وغير التقليدية والأكثر تطوراً وفتكاً كالأسلحة النووية والكيمياوية والإلكترونية هي الآن ملك لأقلية ثرية ثراءً فاحشاً تعمل بكل الآليات والمؤامرات لتجديد وتحديث هذه السلعة، ليس للتباهي والترف على حافة مسابح الفنادق السياحية الراقية بل من أجل جني المزيد والمزيد من الثروة ومن ضرب الإعاقات التي تظهر بين الفينة والأخرى في طريق تزايد الزبائن في الأسواق وبالذات في البلدان العالم ثالثية التي تتقدم موازنة أجهزة القوة والتسلح على موازنة التعليم والبحث العلمي والصحة وصحة البيئة، وهذه المعوقات هي المنظمات المناهضة للحروب. واستحوذ هذا الفرع من الاقتصاد على اهتمام الدول المنتصرة في الحروب، ثم استثمرت فيه الأموال الضخمة، مما أدى إلى تغول هذه الدول عالمياً وتحولت من نمور اقتصادية ذات مطامع توسعية إلى امبراطوريات عسكرية وأمنية مخيفة تزرع الدمار والكوارث في كل مكان من هذه البسيطة، وفي القرن العشرين، وهو قرن عظيم في متنه تطورت العلوم تطوراً هائلاً أدى إلى ظهور علوم التقنية العسكرية والأمنية الأكثر حداثة التي استطاعت ولوج (حرب النجوم) وغزو الفضاء الخارجي والكواكب، واستطاعت الدولة الأمريكية التي لم تخسر كثيراً في الحرب العالمية الثانية الانطلاق كالصاروخ إلى ذرى مبنى الامبراطورية في مواجهة الاتحاد السوفيتي الذي اضطر إلى الاتجاه نحو عسكرة اقتصاده واقتصاد البلاد الدائرة في فلكه في شرق أوروبا. وفي الثلاثينيات من القرن الماضي اختنقت المخازن الألمانية والإيطالية واليابانية بالمنتوجات العسكرية، طائرات، بوارج وزوارق حربية، ودبابات وعربات عسكرية، وأدوات عسكرية كثيرة، وكانت حالة الاختناق هذه قد انعكست اجتماعياً على مجتمعات هذه الدول على شكل احتقانات سياسية وثقافية تنذر (بثورة) عارمة سوف تطيح بقوى الرأسمالية الحاكمة، وبالتالي التحاق هذه البلاد بالنظام السياسي في روسيا الاشتراكية تحت قيادة (ستالين). إن هذا الاختناق خنق المجتمعات في ألمانيا وغيرها من دول المحور آنذاك، الأمر الذي سرع بشن الحرب ضد روسيا وبلاد أوروبا الأخرى المجاورة، والهدف ليس فقط تدمير العمران والمدن في روسيا وأوروبا بل لخفظ درجة الاختناق الداخلي بالاستغناء عن المنتوجات الحربية المتضخمة في المخازن ورميها على أناس آخرين في النطاق المجاور وخلق فرص عمل جديدة وإحلال بعض سكان دول المحور بدلاً عن المواطنين الأصليين (السكان الأصليين). وحصدت هذه الحرب ما يربو عن 50 مليون نسمة، وسوت مدناً بأكملها مع الأرض، وبما أن هذه الحرب أدت إلى هزيمة دول المحور وعدم تمكن قادتها من تحقيق أهدافهم وفي الصدارة أعادت الحيوية إلى مصانع المعدات الحربية والذخائر فقد أدت إلى انخراط أسري دول المحور في عملية عبودية رهيبة في بناء السكك الحديدية وأنفاق المترو، وبنفس الوقت غذت الصناعات الحربية لمحور الاتحاد السوفيتي ولمحور الولاياتالمتحدةالأمريكية...(يتبع). رابط المقال على الفيس بوك