ثمة اصطلاح حميمي وخيالي لازم ثورات التغيير العربي تماشياً مع نفسه وخيال وتراكمات ومتاعب المرحلة, في وقت كان فيها المواطن العربي قد فقد الثقة بكل ما يمت إلى الثورة بمصطلحها وشعاراتها وفلسفتها بصلة, نظراً لما عاناه من متاعب وإخفاقات عقب كل ثورة أنجزها ومارس حلم الخلاص من خلالها. ثورات الربيع العربي على الرغم من وردية المصطلح وفلسفة الزمن المرتبط به؛ نجدها قد تجاوزت التموضع النفسي في تطلعات الشارع المنهك بالشعارات المتلونة والمتنوعة والمستنبطة, لتختبئ في أحلام وأوجاع المطحونين في زوايا الشارع العربي, بعيداً عن أحقاد الساسة ومشاريع المرتزقة في مجتمعاتنا. افتقد الربيع العربي الأحلام الوردية وشعارات ومشاريع السلام وتفاصيل الأمن والأمان والاستقرار النفسي والمعيشي كنتيجة حتمية وضرورية للثورة, أما وقد تحولت الورود إلى شظايا قاتلة والنسائم المعطرة إلى دخان كثيف يحجب عنا رؤية السماء والتمتع بدفء اللحظة فلا بد من مراجعة جديدة ودقيقة للمصطلح حتى لانورث الانفصام الحاصل في الوعي والفكر والسلوك إلى ذاكرة الأجيال فتفقد الثقة بالماضي والحاضر والمستقبل والتاريخ والدين والجغرافيا. لانريد أن يتحول ربيع الثورة اليمنية على أقل تقدير إلى فصل مشوه لايشبه الربيع أو يحاكي تفاصيله, لأن الربيع المصري قد تحول إلى شتاء قارس والربيع الليبي إلى خريف متآكل والربيع التونسي إلى عواصف هجيرية مرتدة, أما الربيع السوري فقد التهم الفصول الأربعة مخلفاً إعصاراً وبراكين قد تطمر المنطقة كلها وتحرق كل تفاصيل الشارع العربي وأحلامه المشروعة. المتتبع لتفاصيل الخارطة الطبيعية والثقافية والسياسية لثورات الربيع العربي يجد تفاصيل مملة للمماحكات والمراهقات السياسية التي عجلت بعوامل الانهيار والارتداد الثوري, مع أن الشارع العربي على تعدد وتنوع المشاريع الثورية فيه إلا أنه قد بشر بنضج سياسي ووعي بالمرحلة ومتطلبات التغيير لولا تلك الإعاقات الناشبة في عمق اللحظة ومجريات الحدث وتفاصيل الشعارات وألوانها. ثورات الربيع العربي بحاجة إلى تغيير حقيقي في وعي وإدراك وتفاعل المجتمع, بدلاً من انقسامه وتخبطه وانحيازه ساعةً باتجاه التغيير وأخرى باتجاه التدمير, كأنه فقد الثقة بالجميع وتحول إلى ممارسة العنف وجلد الذات. رابط المقال على الفيس بوك