الإعلام رسالة سامية وهادفة تخرج من رحم المجتمع ثم تنمو بين ظهرانيه على أسس تربوية وأخلاقية ومهنية فاضلة.. ثم ما تلبث أن تعود إلى المجتمع وقد شبت شخصيتها عن طوق طفولتها وبلغت من مكارم صفاتها النبيلة مبلغاً يؤهلها لخوض التجربة.. تجربة العمل للمجتمع ومع المجتمع بعيون ترصد الواقع رصداً أميناً وتعمل على المشاركة في تبديد سوداويته برؤية مهنية وفيها من صدق المبدأ والحس والضمير ما يجعل منه أي الإعلام السلطة الرابعة قولاً وعملاً وسلوك حياة.. ذلكم هو الإعلام الحقيقي بمختلف أشكاله وأنواعه المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية... الخ، وليس هذا الذي نسميه “الإعلام” إلا ذلك الإعلامي الإنسان صحفياً كان أو كاتباً أو مذيعاً أو معداً برامجياً أو مصوراً أو مخرجاً أو مراسلاً أو... أو... الخ وبين المهنة وصاحبها علاقة وطيدة فكل منهما يسمو بالآخر أو يخسف به إلى قاع مزبلة الانحطاط.. لكن العمل الإعلامي بصورة عامة وجد لكي يكون صوت الحق والحقيقة والخير والجمال وإنما ممتهنوه أو إعلاميوه هم من يصنعون منه رسالة إنسانية فاضلة أو يجعلون منه وحشاً شريراً وأداة لسفك الدماء البريئة وإحلال الخراب والدمار ونشر الفتن والشر والأباطيل التي ما أنزل الله بها من سلطان، والشواهد المعاصرة تدلل بما لا يقبل الشك على أن صُناع الموت والخراب والدمار ونهب وسلب مقدرات الشعوب وخيراتها وكرامتها وحرياتها عملوا وبصورة ممنهجة على الخروج بالإعلام عن مساره الحقيقي والمهني إلى مسار آخر خالة من مضامينه السامية ورسالته الفضلى لدرجة صار في بعض منه بلا هوية ولا دين فكأنه الوجه الآخر للإرهاب وعلى الجهة المقابلة مازال هناك إعلام ملتزم ومعتدل وصادق وأمين، نرفع لأصحابه القبعات ونقف إجلالاً واحتراماً لمهنيتهم الصادقة.. ومن هذا المنطلق نصل إلى المرحلة الراهنة التي تعيشها بلادنا اليمن الغالي وهي تقف على مشارف الموعد الرسمي المحدد لإجراء المؤتمر العام للحوار الوطني “18مارس القادم” والذي يعقد الشعب كله الآمال على نجاحه والخروج بالحياة اليمنية العامة إلى بر المستقبل المنشود، أقول نصل إلى يوميات واقعنا المعاش، ونسأل: أين يقف إعلامنا الرسمي والحزبي والمستقل من هكذا حدثاً يتوقف عليه مستقبل شعب ووطن؟ نسأل وللأسف الشديد تصدمنا حقيقة واقعنا الإعلامي المعاش إذ يخيل إلينا في معظمه أنه يغرد خارج السرب وبعيداً جداً عن درب قافلة التغيير والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي يشغل مؤتمر الحوار الوطني القادم المحك فيها ولا ندري لماذا يبدو إعلامنا بهذا الشكل وبهذا المضمون وكأنه خارج نطاق خارطة طريق المصالحة الوطنية التي يجب أن تسود خروجاً بالوطن إلى بر الأمان فلا ترى ولا تسمع ولا تقرأ في الكثير منه سوى المكايدات والمماحكات ومحاولة صب الزيت على النار في ظل غياب شبه كامل إلا ما رحم ربي للنوايا الحسنة والتهيئة الصادقة لانعقاد مؤتمر الحوار والعمل على تصفية أو الدعوى إلى تصفية القلوب من الضغائن وليس إلى تصفية الحسابات الخاصة من أجل اليمن إن كان اليمن وشعبه ومستقبله يهم رجالات الإعلام بعيداً عن خدمة الأجندات المعادية وتغليب المصالح الذاتية الضيقة والعمل على خدمة الصالح العام لليمن واليمنيين.. وأعتقد أن هذه المرحلة هي المقياس الأهم للإعلام ورسالته وهي التي سوف تفضح الكذب وأهله وتشيد بالصدق وأهله، لأن الدور الإعلامي الذي ينبغي في هذه المرحلة دور أكثر من هام في إنجاح عملية الحوار الوطني القادم بإذن الله.. وإذا كان الحوار هو الخيار الوحيد لتجنيب بلادنا ويلات العودة إلى مربع العنف و الاحتراب، فإن الإعلام الوطني المهني الصادق الذي ينبغي أن يسود لا يقل أهمية في إنجاح الحوار نفسه وعليه اليوم قبل ذي قبل أن يغادر أسوار أنانيته وذاتيته وتبعيته وكل أجنداته المرتبط بها ويصبح صوت الشعب والوطن والناطق الوطني عنهما حتى يصل القطار بالبلاد والعباد إلى محطة الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.. إن الواجب الإنساني والديني والأخلاقي والوطني يفرض على إعلامنا طي كل الصفحات السوداء والصفراء والمريضة والمغرضة ويعمل جاهداً وجاداً على تفعيل رسالته الحقة بمهنية صادقة وبضمير وطني ديدنه الوحيد هو اليمن ومستقبله من خلال مواد إعلامية تهيء وتدعوا إلى التصالح والتسامح والتحاور وليس للفرقة والفتنة وإطالة أمد الأزمة.. مواد إعلامية تبني جسوراً من الثقة بين الفرقاء من أجل مصلحة الوطن... وهنا وفي هذا المقام نتوجه بجزيل الشكر والتقدير والإجلال إلى الإعلامي المتألق محمد العامري وإلى برنامجه الأكثر تألقاً (في عمق الحدث) اللذين يطلان علينا أسبوعياً من قناة السعيدة واستطاعا التربع على عرش اهتمام المشاهدين وكسب ودهم وحبهم وإعجابهم ومتابعتهم له كوجبة إعلامية أسبوعية فيها من الشفافية والمهنية والروح المحبة للوطن ما يبدد غثاء الغثاء الإعلامي الذي يأتينا من هنا وهناك ولا يتلمس معاناة المواطن بقدر ما هو مشغول بأجندته الخاصة في معظم مواده الإعلامية نحترم برنامج ( في عمق الحدث) ونحترم معده ومقدمه لا لشيء إلاَّ لأنهما احترما أنفسهما فاستحقا احترام الآخرين، فهل أسمى وأجل من مادة إعلامية تلامس الحق والحقيقة والواقع وتحاول بقدر المستطاع أن تشعل شمعة بدل أن تلعن الظلام.. ويا إعلامنا اصنع متسعاً من الأمل وكن الرسالة الفاضلة لتنقية الأجواء ونجاح الحوار وصولاً إلى التغيير الحق الذي ثار الوطن من أجله وقدم الشعب التضحيات الجسيمة... فليكن يوم ال18 من مارس القادم يوم اليمن والعنوان الحضاري لفكر وسلوك أبناء بلقيس وأروى والعظيمة سبأ وليكن إعلامنا حمامة سلام وصوتاً للحكمة وصورة زاهية بألوانها الجميلة والجليلة، ويكفينا أرضاً وإنساناً ما عانيناه على المدى السابق فالأعداء محدقون بنا من كل حدب وصوب وليس لنا إلا نحن كي نحمي أرضنا وعرضنا وديارنا ومقدراتنا وكرامتنا وحريتنا ومكاسبنا وحاضرنا ومستقبلنا قبل فوات الآوان، لأننا بدون الحوار والتصالح والتسامح وتغليب مصالحنا العليا على أي اعتبار سوف نصل والعياذ بالله إلى ما وصل إليه غيرنا وحينها لن ينفعنا الندم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم آلف بين قلوبنا وأصلح ولات أمورنا واهدي أسماء قوائم حوارنا سبل الرشاد ووفقنا في حوارنا القادم إلى كل ما فيه الخير للبلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.. رابط المقال على الفيس بوك