نتعلم من حقائق التاريخ وحكمة الأيام أن الحوارات الوطنية تلخص توقاً عاماً للأمة وتعكس المحصلة المنطقية للضرورات الموضوعية التي لا مفر من الأخذ بأسبابها والسير على دربها السالك، بوصفه درب الأمان والضمان .. درب التغيير المنشود النابع من حقائق الوجود . هذا ماجرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر في عديد التجارب الإنسانية الكبرى التي شهدت عصفاً ذهنياً سابقاً على التغيير، كالولايات المتحدة بعد حرب الشمال والجنوب ، وإيطاليا بعد قيام (غاريبالدي) بتوحيد ولاياتها المتناثرة ، وحتى ألمانيا المعاصرة بعد نهاية الحرب الباردة . وفي كل تجربة من هذه التجارب كان الحوار بمثابة عتبة الانطلاق نحو التغيير المنشود. واليوم ونحن على أعتاب الحوار الوطني لا بد من الإقرار بأن هذا الحوار سيمثل البوابة الكبرى نحو التغيير ، وأن ما سبق الحوار من مخاضات وآلام، تمثل بجملتها ممهدات ضرورية ومقدمات منطقية لمسار الحوار . الحوار محصلة التراكم والأنين والتعب ، وهو الترجمان العملي للمبادرة الخليجية التي ارتضيناها مرجعية للإنتقال والتحول ، كما أن مرئيات اللقاء الكبير لن يخضع لمسبقات ذهنية، ومنطلقات استيهامية ، بل العكس تماماً . ومن هذه الزاوية بالذات يجدر بفرقاء الساحة استيعاب المعنى العميق للمشاركة ، واستبعاد الخيبات المؤكدة فيما إذا أصر البعض على ركوب موجة الوهم ، ورفض المشاركة. حتماً سنلتقي جميعاً على مائدة الحوار ، وسيكون الإجماع الوطني الرافعة الكبرى لمعنى الأغلبية النسبية ، مقابل الأقلية المتعصبة ، سواء أسفرت عن نواياها ، أو تدثرت بأردية النفاق والكذب . الآن حصحص الحق ، وستنجلي الحقائق الساطعة قريباً جداً، وسيعلم القاصي والداني من هم الراغبون في الإقامة الدائمة عند تخوم شرنقة التنافي العدمي، ومن هم الماضون على درب الحق والحقيقة.. أولئك القابضون على جمرات الضنى والتعب من أجل وطن مستقر وشعب كريم. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك