كنا وما زلنا أولئك الخائفين ، والمترقبين للخطر المجهول، يُسدل الحاجز المتين بيننا وبين الحياة، بمجرد الخروج من العدم، لنحيا العدم بمعناه المجتمعي، فحياتنا تتخذ أشكالاً كثيرة وعديدة من الاحتياطات الأمنية، والوقائية.. الحروز..والأذكار.. والسير على الرصيف، والاتكاء على تجربة الآباء والأجداد واتخاذها وسيلة وتميمة للقدرة على ممارسة عيشنا دون الوقوع في الخطأ أو التعرض للمصائب، تزداد باعاً سلسلة التحذيرات والتهديدات، لتنحو مساراً آخر وتصبح نوعاً من الأمراض النفسية القهرية، التي تبني حاجزاً صلباً بيننا وبين الحياة، نقف في حالة تبلد وعجز في التعامل مع صعوبات ومشاكل الزمن الراهن،وتبقى حياتنا سلسلة من المآسي والظلم والفقر والمرض، ونعتقد أننا بذلك نرضي الله الذي أراد منا أن نكون قانعين مستسلمين ، نتقبل الأذى والإهانة لأنهم قالوا لنا : هوما قضى الله علينا ،لأننا أمة لا تجادل ولا تناقش ، نؤدي الفروض، والشعائر فقط حتى نكون مسلمين، لاحباً في الله بل خوفاً منه ،لأننا نشأنا عليه، فيتوه بنا الغرض الأسمى من هذه العبادات وهو الوصول إلى معرفة الذات، ومعرفة الله دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والسؤال عن الأفضل لسبل الحياة الكريمة..هل تتذكرون حكاية ليلى والذئب؟ تلك الحكاية التي طالما كنا نسمعها ونشاهدها ونحن أطفال؟ هي حكاية ترمز لتلك السلطة التقليدية التي تأبى أن يكون لرعاياها إرادة في اتخاذ أسلوب حياة جديدة، غير تلك التي ألفوها من أسلافهم، أن تكون لها إرادة أو تجربة للوصول الصحيح ، ذلك هو الذئب الذي سكن الغابة، لم تخرج ليلى من بيت جدتها لتتعرف على عالم جديد إلا بعد أن حذرتها جدتها من ذلك المجهول الذي لم تواجهه من قبل، لقد حددت لها طريقاً واحداً فقط حتى تسلكه، لا يجب عليها أن تتوغل في الغابة كي لا تلتقي بذلك الذئب، ولم تزودها بأي من التعاليم التي قد تساعدها بالنجاة إن هي واجهته، ولكن الذئب كان ذكياً فهو يعرف جميع الطرق، ويحسن التخفي، ليمشي خلفها ويصل معها لهدفها المنشود، وكان أن التهمها هي وجدتها، لأنهم لم يمتلكوا القدرة على المواجهة والتحدي.. هذا ما نحن عليه من خوف ورعب تمارسه علينا جميع الوسائل المحيطة بنا، هو الوهم الداخلي الذي أتاح للإنسان أن يكون ذئباً، يفتك بالخائفين . رابط المقال علي الفيس بوك