الماضي مهما كان مملوءاً بالجراحات والمسافات التوترية سيظل محفوراً في ذاكرة الشعوب.. لأنه جزء لا يتجزأ من تاريخ امة.. ومعاناة شعب.. يبقى نازفاً على جبين الوطن على مر الزمن.. هكذا علمتنا الحياة والتجارب ان الطريق الى الحرية والكرامة والعزة محفوف بالاشواك والاحجار الشائكة.. والمنعطفات والمطبات الوعرة.. وان شعار الديمقراطية والعدالة والمواطنة المتساوية في عالمنا العربي رسم بلا محتوى.. وشكل بلا مضمون.. لأنه مصادر بقوة السلاح والسلطة المستبدة حتى المؤسسات والنقابات والاتحادات والمنظمات المدنية وحقوق الانسان تحولت بقدرة قادر الى ابواق اعلامية خاضعة للانظمة المستبدة الدكتاتورية. عندئذٍ يمكن ان تتماهى نوايا النخبة الحاكمة المتسلطة تحت عباءة الدين ليقوى نفوذها، وتحقق مصالحها الذاتية.. فأساءوا الى الدين عندما خلطوا اوراق السياسة والتمويه بأوراق الدين.. حتى النخب المثقفة الراقية من الاكاديميين والمحامين والصحفيين والادباء والعلماء والسياسيين والاقتصاديين لم يسلموا من سموم الانظمة المتسلطة المستبدة الفاسدة.. بل صاروا امعةً بيد الحاكم المستبد لا يحركون ساكناً.. ولا يسكنون متحركاً.. ومن خصائص الانظمة المستبدة الجائرة عسكرة الوظائف القيادية المدنية في مؤسسات الدولة بكافة تخصصاتها.. وخاصةً الاعلام بوسائله المختلفة، والتعليم العام والعالي ليكون تحت السيطرة والقبضة الحديدية.. حتى المدارس والجامعات والمعاهد لم تسلم من العسكرة.. لم يكتف النظام المتسلط المستبد بذلك بل عمل على اقصاء كل الكفاءات المؤهلة غير الموالية له.. اياً كانت في القطاع المدني او العسكري او الأمني مع تعطيل الدستور وتجميد القوانين.. وتفعيل القرارات الرئاسية والجمهورية العليا.. في تعيين قيادات غير مؤهلة وفاشلة وفاسدة ولكن موالية للنظام الحاكم .. وكما يقولون: عن النظام لا تسل.. وسل عن حاشيته!!.. بل سعت تلك الانظمة المستبدة الى تحويل نسبة عالية من الدخل القومي والميزانية العامة للدولة للانفاق غير المشروط على المؤسسات الدفاعية والأمنية، ومباحث أمن الدولة والأمن السياسي والوطني والقومي.. وكذلك على السجون الخاصة بالتعذيب التابعة لها.. وكما هو معلوم للجميع بأن ميزانية الدفاع والأمن ومباحث أمن الدولة بكل فروعه المدنية والعسكرية والأمنية لابد ان تكون في غاية السرية والكتمان حفاظاً على الأمن القومي.. وسيادة البلاد.. كما لا يفوتنا الانفاق المفتوح بأوامر عليا للاعلام بوسائله المختلفة ليقوم بدوره على اكمل وجه في تلميع صورة الحاكم والنظام المستبد مع تزييف وعي الجماهير، والوعي الجمعي حتى يضمن الحاكم المستبد اشاعة ثقافة نمطية تقليدية عقيمة بين الجماهير تؤيد سياسة النظام المستبد الجائر حتى لو ساقهم الى نفق مظلم لا هواء فيه، ولا ماء.. ولا غذاء.. وهذه مرحلة الشوفينية الماحقة الساحقة عندما تساق الجماهير كالسوائم.. فالوعي الجمعي عندما يساق بمفاهيم واعراف القبيلة، او الطائفة او العشيرة يظل يدور في فلك اسفل الهرم الاجتماعي والحضاري بسبب ثقافة النظام المتسلط المستبد.. ولذلك تصبح ثقافة التخلف هي السائدة والمتجذرة بين الجماهير الموالية للحاكم المستبد للحفاظ على فلسفة استبدادية تقوم على سياسة اقصاء المناوئين واحلال علوج النظام المتسلط.. ومن كوارث النظام التسلطي المستبد انه قائم على نخبة توليفية مختارة بامتياز وتفوق لتمرير الاوامر الفوقية العليا دون نقاش حتى لو خالفت الدستور.. واخيراً علينا ان ندرك ان احداث ووقائع التاريخ قديماً وحديثاً تؤكد لنا دائماً ان الانظمة المتسلطة المستبدة مهما كان طول عمرها السياسي فمصيرها الفناء والسقوط المروّع المدوي عاجلاً أم آجلاً.. وستظل الاجيال السابقة واللاحقة تلعنها مدى الزمن.. الى ان يرث الله الارض ومن عليها.. ولكل طاغية اجل معلوم!!.. رابط المقال على الفيس بوك