في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها البلد هذه الأيام وهي أوضاع بارزة وظاهرة ويلمسها ويعاني منها كل مواطن يمني دون استثناء و يلتسع بنارها صباح مساء وتتلخص في الجوانب الأمنية والاقتصادية والخدمية حتى أن الضيق و الإحباط قد تسلل إلى نفوس الناس وأصبحوا ينظرون إلى الأمور الآنية والمستقبلية بلك سوداوية لأنهم قد أدركوا بأن هناك قوى خارجية وداخلية لا تريد لهذا البلد أن يستقر لإدراك كل هذه القوى أن استقرار اليمن سيكون ضد مصالحها وسوف يخسرون الكثير من المصالح التي يجنونها في ظل الفوضى وعدم الاستقرار وبهذا فإن القوى الخارجة المتضررة من الاستقرار تضخ الأموال وبكل سخاء لقوى مريضة في الداخل من أجل أن تقف حائلة ومانعة لأي استقرار ومن ثم بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي ينشدها الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني بمختلف ألوانهم و انتماءاتهم السياسية والمذهبية لأنهم يرون في الدولة المؤسساتية الحديثة والمسايرة لروح العصر الذي نعيش فيه بأنها المخرج الوحيد الذي سوف ينتشل هذا الواقع الأليم الذي نعيشه اليوم والممتد منذ عقود طويلة عانى من خلالها شعبنا اليمني كل ألوان الظلم والقهر ورافق ذلك الجوع والفقر والمرض ولم يكن له مما تقدم من السنوات منذ انتصار الثورة وحتى اليوم إلا الشعارات المطاطة والخطابات الفارغة من أي مضامين عملية تحاكي الواقع وتتعامل معه بروح مسئولة ووطنية فظلت اليمن كل هذا التاريخ الممتد لخمسين عاماً خلت أسيرة لشهوات القلة من المتنفذين المسنودين بأهم عناصر الهيمنة والبقاء وهم المال والقبيلة أو الحزب المشخصن والذي لا حول له ولا قوة، وكان البلد والشعب هو من يدفع الثمن وظلت أموره الحياتية تتدهور وتسير من سيء إلى أسوأ وفي كل مناحي الحياة فما هي الصورة التي سنتحدث بها عن الجانب الأمني؟ لا شيء سوى عن الثأرات التي استيقظت هنا وهناك ، القتل شبه يومي في الكثير من شوارع مدننا بما فيها العاصمة وأصبح القتيل في ظل هذه الأوضاع المنفلتة لا يساوي قيمته قيمة الخروف وكل هذا في ظل غياب الأمن الفاعل أما بالنسبة للجانب الاقتصادي فلا زال يتدحرج نحو الأسفل وخطط اقتصادية خدمية لم نلمس أن فيها مشروعاً اقتصادياً استراتيجياً يعمل على امتصاص الآلاف من الشباب الذين تمتلئ بهم شوارع مدننا وقرانا وإن تم توظيف البعض منهم فلا يخضعون في توظيفهم إلى الأسس والقوانين والتخصصات التي تخصصوا فيها بدراستهم فترى الطبيب يشتغل بالزراعة وخريج الزراعة يشتغل مدرساً وقس على ذلك بقية التخصصات مما ساعد كل ذلك في الأداء الضعيف لهؤلاء الشباب من الخريجين لغياب الرؤية الواضحة والخطط العلمية المدروسة والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع خطط الجامعات ومخرجاتها من الخريجين ليتم استيعابهم في سوق العمل من هذا كله فإننا نعتبر أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل هو نقطة الضوء في مثل هذا الليل الحالك السواد واليمنيون بمختلف مشاربهم ينظرون إلى نتائجه بأن نكون أو لا نكون ومن هذا فإن المسؤولية الوطنية العظمى تتجلى في أن يستشعر كل عضو في هذا المؤتمر مسؤوليته في إخراج اليمن من هذا الوضع المأساوي والابتعاد عن التمترس وراء القبيلة أو العسكر أو الحزب أو المذهب، فاليمن لا تستحمل أكثر مما صار فيها كالرجل المريض الذي لا يستطيع فعل شيء إلا بمساعدة الآخرين وفي الأخير أقول: بأن التجربة اليمنية في نقل السلطة بالرغم مما طالها فهي تجربة فريدة قد نالت احترام الآخرين خصوصاً وأنها تجربة في أحد بلدان العالم الثالث وهذا غير مألوف لذا علينا أن نكون كباراً أمام العالم من خلال إنجاح فعاليات المؤتمر الوطني للحوار وطبيعي فإن الشعب هو الرقيب لمن سيعمل على إنجاح أو إفشال المؤتمر كما يفترض علينا كيمنيين بأن نصدق مع أنفسنا أولاً حتى يصدقنا الآخرون وبدون مغالطة أو مكايدة ويتجلى ذلك في ضرورة بناء الدولة الحديثة وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية وصولاً إلى بناء جيش وطني مهني ولاؤه لله والثورة والوطن وليس لشخص أو قبيلة أو مذهب فبهذا يكون المجتمع الدولي قد صدقنا وجعل من التجربة اليمنية مثالاً يحتذى بها في بلدان العالم الثالث. رابط المقال على الفيس بوك