لا شك أن مؤتمر الحوار الوطني اليوم يقف أمام تحدي جديد, يتمثل في تعليق رئيس فريق القضية الجنوبية أحمد الصريمة مشاركته في الحوار, واشتراطه تنفيذ مجموعة من النقاط تقدم بها إلى رئيس الجمهورية, ربما هي أصعب من النقاط العشرين التي كانت اللجنة الفنية للحوار الوطني قد تقدمت بها في وقت سابق إلى رئيس الجمهورية وطلبت منه البدء بسرعة تنفيذها قبل الدخول في عقد أعمال المؤتمر . قرار بن صريمة قد لا يؤثر على عمل فريق القضية الجنوبية وحسب, بل قد يؤثر على جميع فرق العمل في مؤتمر الحوار, لما قد يترتب على ذلك من مواقف لممثلي فصائل الحراك الجنوبي المشاركين في الحوار, وبهذا يكون مؤتمر الحوار الوطني أمام تحد كبير ومعقد وفي مواجهة مباشرة مع القضية الجنوبية نتمنى أن تنتهي في أسرع وقت وبأقل التكاليف. أنا شخصياً أتفهم موقف الأخ/ احمد بن فريد الصريمة, وأقدر حجم التخوفات لدى ممثلي الحراك الجنوبي المشاركين في الحوار, كونهم بين همين ثقيلين, هم إخوانهم وأبنائهم في الجنوب وحقهم في تقرير مصيرهم وتحديد مستقبلهم دون فساد أو نهب أو وصاية, وهم المشروع الوطني الكبير في بناء دولة مدنية قوية ومتقدمة لا يمكن أن تتحقق إلا بتكاتف وجهود كافة اليمنيين في الشمال والجنوب, وفي الحقيقة اعتقد أنه لو كانت جهود ونوايا المنظومة السياسية اليمنية ( الأحزاب السياسية, ومختلف مكونات الحوار الوطني ) لو كانت بالفعل صادقة وشفافة, لكانت تفادت الوصول إلى مثل هذا الموقف, وتفادت الاصطدام بهذا التحدي الذي يعترضها اليوم ويجعلها في مواجهة مع القضية الجنوبية , من خلال تنفيذ النقاط العشرين وإعادة تحقيق التوازن في القوى وصناعة القرار بين الشمال والجنوب قبل عقد مؤتمر الحوار الوطني. بالتأكيد أن هذا التحدي ليس الأخير في طريق الحوار الوطني, وبالتأكيد أيضاً أن قدرات وإمكانيات معظم مكونات الحوار الوطني وجهود الرئيس هادي ومساعي المبعوث الأممي جمال بن عمر, لن تتوقف أو تعجز عن تقديم حلول ومعالجات تمكن الجميع من التغلب على أي صعوبات أو عراقيل تعترض مسار العملية السياسية واستكمال مهام المرحلة الانتقالية ونجاح الحوار الوطني, وبالتأكيد أيضا أن حرص معظم قيادات الحراك الجنوبي على نجاح قضيتهم والانتصار لدماء شهدائهم وجرحاهم سيجعلهم حريصين على المشاركة الفاعلة في إنجاح واستكمال الحوار الوطني, بهدف الحصول على مخرجات مدنية ومتطورة تكون قادرة على استيعاب أهداف وتطلعات وأمال كافة أبناء المجتمع اليمني في الجنوب والشمال. لدي ثقة كبيرة انه في حال تلقى الأخوة في الجنوب – وبالتحديد قيادات فصائل الحراك -- تطمينات حقيقية بخصوص التغيرات الجذرية في شكل ومضمون الدولة القادمة ونظامها السياسي, وأن مستقبل اليمن سيكون مختلفاً تماما عن ماضيها وحاضرها, وان طريقة اتخاذ القرار السياسي وصناعة ملامح المستقبل لن تكون بنفس الأسلوب و الطريقة التي كانت عليها خلال الفترة الماضية, نعم في حال نجح المتحاورون وفي مقدمتهم الرئيس هادي أن يعطوا تطمينات لإخواننا في المحافظات الجنوبية, لا شك أن ذلك سيغير قناعات الكثير منهم وسيمكنهم من العودة والمشاركة الفاعلة في أعمال الحوار الوطني والإسهام في إنجاحه. وربما هناك فرصة سانحة يجب على الرئيس هادي وجميع مكونات الحوار أن يغتنموها لتوجيه هذه الرسالة , وهي الفرصة التي تتمثل في انعقاد الحوار الجنوبي الجنوبي في القاهرة والذي سيحضره ابرز القيادات الجنوبية, والذي يتوقع أن يحدد مصير مشاركة العديد من فصائل الحراك في مؤتمر الحوار الوطني, ولكي نضمن أن تكون قرارات لقاء القاهرة هذا إيجابية على مستقبل الحوار الوطني, فيجب أن يقدم المتحاورون والرئيس هادي هذه الرسالة التطمينية أو أي رسالة حقيقية أخرى تخفف من حالة الاحتقان لدى إخواننا في الجنوب, والمهم هو أن يسحب البساط من تحت أقدام القيادات التي لا تريد الخير والأمن والتقدم للجنوب وأبناء الجنوب ولليمن واليمنيين بشكل عام. رابط المقال على الفيس بوك