يمنياً يبدو الفيسبوك كمقبرة جماعية، مقبرة لاتبعث الخلاص التام، بقدر ماتعزز القليل القليل من الآمال والكثير الكثير من الأوهام فقط. بحسب حقيقتنا اليائسة على وجه التحديد يبدو الفيسبوك كمقبرة جماعية لأحياء. لكنهم أحياء يغيبون عن المسرات الفعلية، ولايستطيعون التوازن بثقة وبإرادة معتبرة- كما بامتلاء وبتصميم سليم من الداخل - للمشي على حبل الحياة المشدود بين هاويتين كل واحدة منهما أوسع فاجعة وخسارة من الأخرى. ليس لأنهم مجرد تعساء وأصحاب حظوظ سيئة يتهافتون للمكر أو للتحايلات من ناحية تعويضية نفسية أو فكرية - مايحدث بشكل أو بآخر مراراً في مقبرة الفيس من قبلنا جميعاً للأسف بوعي أو بدون وعي - أو لأنهم بذلك الحس الساذج الذي يجعلهم بلا هموم ممتازة غير ممارسة البوح الذي افتقدوه في حياتهم المحاصرة ولو كيفما اتفق هناك - بل لأن مآلاتهم السيئة المتراكمة أصلاً في الحياة قد جعلتهم لايبالون بالمآلات الأسوأ التي من المرجح أنها تنتظرهم نهاية مقبرة الفيس بوك المبهرة الخداعة هذه.. وياللأسى .. حتى وإن كانوا يتسابقون لإبداء المحبات أيضاً. كذلك بمقابل مزاولتنا للثرثرة في الفيس بوك، يبقى بإمكاننا ونحن نخوض التنفس في رئة مقبرتنا الإرادية الاضطرارية -فارطة الالتباس -معرفة مشاعر موتانا الأعزاء الذين يدأبون على مباهجهم السطحية الأشد من موجعة في جوهرها. غير أننا جميعاً هنا وهناك نستمر في ظل إثارتنا للشفقة في الغالب جراء غربتنا الرهيبة بين الواقعين الافتراضي والمعاشي. فالثابت أنه لن يعتز بعواطفنا وحكاياتنا بالغة الخصوصية والحمق في النهاية سوى متواليات السأم المتجدد داخل هذه المقبرة الاليكترونية العجيبة [المقبرة المقدسة واللعينة في آن]. والأنكى بالطبع اننا نتفوق تماماً بإدماننا لغيبوبة كل هذا اللعب الوجودي الشقي، بينما لا ينفعنا بعد الآن اكتشاف لاجدوى حتمية كل المآلات المقرفة لمزاجنا الجمعي المأزوم جداً على الصعيدين الواقعي والافتراضي يمنياً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك