مصارعون لا معلمون يشوهون العملية التعليمية بتصرفاتهم وأفعالهم غير السوية التي يتصدرها استخدام العنف بأشكاله البشعة ضد الأطفال في عدد من المدارس بمحافظات الجمهورية وبأمانة العاصمة .. وهناك أيضاً نماذج عديدة من المصارعات بمختلف الأوزان حاملات العصي يصلن ويجلن في بعض المدارس الأهلية والحكومية ممن يطلق على الواحدة منهن تجاوزاً تسمية ( معلمة ) .. وهي في الحقيقة لا تقل عن السجان الذي يتعامل مع المساجين بعنف وشراسة دون أدنى رحمة .. حيث تفرد كل من أولئك عضلاتها على أطفال السنوات الأولى من التعليم الأساسي سواء داخل الفصول الدراسية أو أثناء طابور الصباح أو حتى خلال أنشطة الرياضة والرسم التي كره ممارستها معظم الأطفال جراء ما يعانونه من أضرار الخشونة المذمومة .. وبعد أن عانوا من استخدام العنف ضدهم كالضرب بالعصي على الأيدي ومفاصل الركب وأحياناً الضرب على الرؤوس الصغيرة بالكتب أو بالأكف غير الناعمة .. وذلك برغم أن ما يحدث عقاب لأولئك الأبرياء أحباب الله على أخطاء صغيرة هينة معظمها غير مقصودة بالإضافة إلى التوبيخ والتعنيف بصورة غير سليمة .. وإيقافهم في اتجاه الجدران رافعين أيديهم إلى أعلى لوقت غير قصير أمام زملائهم كالمجرمين أو أسرى الحرب ، وغير ذلك من أشكال الامتهان والإهانة التي يتلقاها كل منهم من قبل تلك النماذج غير السوية الظالمة .. دون مراعاة لمشاعر الأطفال الإنسانية الذين ما يزالوا في عمر الزهور وفي حاجة ماسة للحنان والرعاية الحسنة والتعامل بالأسلوب الأمثل الذي يشجعهم ويدفعهم للإقبال على الدراسة ويحببهم فيها وفي المعلمات أو المعلمين ذوي العلم والمعرفة والحكمة .. الذين يحرصون على حسن التربية وحسن التعامل مع أطفال المدارس قبل التعليم ، ولابد أن هذه النماذج السوية تتميز بصفات عديدة كالخبرة والمعرفة والرحمة ، والتفكير المستنير ، والإيمان بحق الطفل في حسن الرعاية ومراعاة المشاعر وحفظ الكرامة .. أما النماذج غير السوية فتتميز بتدني المستويات العلمية والمعرفية ، والقسوة المفرطة وانعدام المشاعر الإنسانية ، والتفكير المحدود ، والجهل أو التجاهل لأي حق من حقوق الطفل التي يعلمها جميع البشر الأسوياء على أرض الله رب الرحمة والعظمة .. وتحث على ضرورة الالتزام بتطبيقها كافة دول العالم وكافة المنظمات الإنسانية سواء قبل أو بعد العولمة .. ولهذا فتلك النماذج غريبة الأطوار غير صالحة وغير مؤهلة لتولي مهمة التدريس وتربية النشء لأنها مهمة مقدسة ومسئولية جسيمة .. ولا شك أن الإدارات التعليمية وملاك المدارس الأهلية يتحملون تبعات إساءة اختياراتهم لمن يؤدي مهمة التربية والتعليم بالمدارس الخاصة أو العامة .. حيث أن ذلك العبث الذي يجري على مرأى ومسمع من الجميع المعنيين وغير المعنيين نتائجه وخيمة .. أهمها وأخطرها إصابة الأطفال بالخوف والرعب والشعور بالإحباط ودفعهم إلى كراهية التعليم ، بل إن العديد منهم يرفضون الذهاب إلى المدارس خوفاً مما يتعرضون له من عنف وامتهان وأضرار بدنية ونفسية وتلك حالة مؤلمة .. خلقت هذه الحالة أزمة خانقة لدى العديد من الأسر جراء إصابة الأطفال بتلك الأضرار التي لا شك أن لها بالغ الأثر على حياة كافة أفرادها نتيجة لتلك الأفعال الآثمة .. الأسوأ من ذلك أنه عند لفت نظر إحدى مصارعات الأطفال في إحدى المدارس الأهلية لتغيير أسلوب التعامل مع الأطفال والحد من تلك التصرفات غير المناسبة ضدهم ، تزداد عتواً ونفوراً ، وتصر على أن العنف الذي تمارسه أمر معتاد وهين وليست على ذلك نادمة .. وأخرى لا تفرق بين الياء والألف ويوكل إليها تدريس جميع المواد الدراسية للصف الأول من التعليم الأساسي ، وأسلوبها لا يختلف عن مثيلتها وتزيد عليها بأنها تسعى للإضرار ببعض الأطفال في تحصيلهم ونتائج اختباراتهم وإهمالهم أثناء الدراسة بصورة واضحة ومعلومة .. وذلك انتقاماً من أولياء أمورهم الذين اعترضوا على تعاملها الفض مع الأطفال وتصرفاتها غير الحكيمة .. والنموذج الأعجب هو معلم الرياضة الذي كلف بالإشراف على أحد صفوف التعليم الأساسي في غياب المعلم المختص ، فدخل المرعب بعصاه الصف المليء بالطالبات والطلاب وهم يتحدثون فأصدر تعليماته بالصمت ، ثم جلدهم جميعاً دون استثناء ، وربما كان ذلك ضمن برنامجه الرياضي ، أليس كل ما يجري عبث ومهزلة مستديمة ..؟! تلك فقط بعض النماذج عما يحدث في عدد من المدارس بمحافظات الجمهورية وفي مقدمتها بعض المدارس بأمانة العاصمة .. فما ذنب الأطفال الأبرياء ليتعرضوا لتلك المعاناة ، ومن يحميهم من تلك الممارسات غير الإنسانية التي لا يقرها دين ولا أعراف ولا قوانين ولا أنظمة ..؟ وما موقف وزارة التربية والتعليم مما يجري باعتبارها الجهة المعنية بالإشراف والرقابة على كافة شئون التربية والتعليم في اليمن الميمون بلد الإيمان والحكمة والحضارة العظيمة ..؟ وما هي المواصفات وشروط قبول المعلم التي تؤهله لممارسة مهنة التعليم سواء في المدارس الحكومية أو الأهلية ، وما هي المعالجات والضوابط والسبل الكفيلة بإيقاف ذلك العبث والعنف ضد الأطفال ، وهل يوجد قانون يطبق لتنظيم هذه الشؤون ومعالجة الحالات القائمة .. وهنا لابد أن نؤكد على ضرورة وجود دور لوزارة حقوق الإنسان ، والمجلس الأعلى للطفولة حيال ما يتعرض له الأطفال من عنف وامتهان في عدد من المدارس الأهلية أو الحكومية ، كما نؤكد على ضرورة تطبيق قانون حقوق الطفل في مثل هذه الحالات للحد من تلك الممارسات الذميمة .. الأمل كبير في تضافر الجهود لتغيير تلك الأوضاع السيئة بدءاً باختيار المعلمات والمعلمين الأكفاء ، على ألا يكون معيار الاختيار قلة الأجور التي يحرص ويسعى لها ملاك المدارس الأهلية وتشكل بالنسبة لهم قضية مهمة .. وألا يكون المعيار هو المجاملات والتوصيات أو الوساطات أو غيرها من الوسائل غير المشروعة التي يُعتمد عليها في تعيين العديد من عديمي الخبرة والكفاءة للعمل بمهنة التعليم وبالأخص ( التعليم الأساسي ) في المدارس الحكومية ، لأن ذلك يشكل كارثة على مستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة .. متمنين أن يقتدي الجميع بنبي الهدى الذي بعثه الله رحمة للعالمين عليه صلوات الله وتسليمه .. الذي خاطبه الرحمن الرحيم في القرآن الكريم بقوله ((ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)) وهو خير البشر ومعلم البشرية الذي تميز بسعة صدره وصبره وحلمه .. وننتظر مبادرة وزارة التربية والتعليم بسرعة معالجة تلك الاختلالات في المدارس الحكومية والأهلية بفاعلية وجدية .. كما ننتظر تجاوب ملاك المدارس الأهلية لإصلاح شؤون مدارسهم ، فأبناء اليمن أطفالاً وشباباً أمانة في أعناق الجميع ، وليس من العدل أن يتعرضوا للمعاناة والامتهان والأضرار البدنية والنفسية مقابل جمع الأموال ، آملين أن تصحو الضمائر ويتخلى الجميع عن الأنانية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك