في ظل مرحلة التغيير يتوقع أبناء اليمن أن يتم إصلاح التعليم الأساسي وشؤونه في اليمن ، فما تزال المناهج في حاجة ملحة إلى إعادة النظر .. بحيث تواكب التطورات الجارية في العالم سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي التي أحدثت ثورة علمية ومعرفية عكست ذلك التطور المستمر .. الأمر الآخر هو استمرار استخدام العنف في المدارس الحكومية وعدد من المدارس الأهلية والخاصة المنتشرة في أمانة العاصمة وفي محافظات الجمهورية ، وتلك كارثة بكل المقاييس ، فهل يعقل أن يحدث ذلك في عصر التطور العلمي والتكنولوجي واستخدام الوسائل والوسائط الحديثة في التربية والتعليم ، وكافة أشكال التطور ..؟! المنظر المخزي والمقزز في ذات الوقت يتجلى عند زيارة أية مدرسة من تلك المدارس الحكومية أو الأهلية سواء مدارس البنين أو مدارس البنات ، فالزائر لإحداها يشهد العجب العجاب ، مشاهد ربما لم يشاهدها إلا في أفلام العنف المقيتة التي لها تأثيرات سلبية على سلوكيات ونفسيات البشر .. والمشاهد متكررة في ساحات المدارس أو في الفصول الدراسية ، حيث يُرى المعلمون والمعلمات ، المربون والمربيات يتجولون وبيد كل من أولئك إما عصى أو خشبة أو خرطوم سيارة ( ليْور ) .. أو أي سلاح شبيه بأدوات العنف تلك ، ليستخدم في جلد طفل أو طفلة بريئة بأسلوب همجي متخلف ، فكل من أولئك المصارعين جعل من نفسه غضنفراً ..!! الأنكأ من ذلك والأسوأ هو ما يحدث للأطفال جراء اعتراض أي من أولياء أمورهم على ممارسة العنف من قبل العديد من المعلمين والمعلمات ضد أولئك الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة ، فالويل لهم مما سينالونه فيما بعد من تهديد أو أذى جسدي أو نفسي من قبل (أبي العناتر أو أم العناتر ) .. تلك النماذج غير السوية من معلمي ومعلمات العصر البائد عصر الغاب لا العصر الحاضر .. المشهد الأغرب على سبيل المثال هو رؤية المدير المبجل لإحدى مدارس البنين في قلب العاصمة صنعاء يتجول في المدرسة وبيده عصى طويلة لا تصلح حتى لسَوق الثيران أو البقر .. ويتنقل شاهراً إياها مزهواً من فصل إلى آخر ، يثير الرعب والخوف في قلوب الأطفال وربما يرعب بعض المعلمات رقيقات القلوب ، وبصحبته أمين المكتبة الذي يحمل عصى أخرى اقتداءً بمديره عنتر .. ذلك المدير الذي أصبح القدوة لكافة المعلمين والمعلمات - إذا جاز التعبير تسميتهم بهذه الصفة – القدوة بتلك المدرسة في استخدام العنف ضد الأطفال الأبرياء ، الأسرى لدى ذلك المربي الأكبر و تابعيه حيث يذيقون الأطفال شتى أنواع العقاب والتأنيب والترهيب والضرب ، الأمر غير اللائق بالإنسان أياً كان كبُر أم صغُر .. فما موقف وزارة التربية والتعليم من هذا العبث والتصرفات غير السوية التي تصيب الأطفال بالإحباطات والعقد النفسية التي قد تؤدي إلى كراهيتهم للتعليم ، جراء استخدام العنف دون أي رادع أو حتى لفت نظر..؟! ثم إن العشوائية وعدم وجود معايير للقدرة والكفاءة عند تعيين العديد من المعلمين والمعلمات والمدراء الذين يعملون بالمدارس في ربوع الوطن ، خلقت مشكلات عدة عرضت الأطفال والناشئة في مختلف مراحل التعليم الأساسي لبالغ الضرر .. وذلك نتيجة لانعدام الخبرة الكافية وعدم التأهيل والدقة والجودة في التعليم ، وأهم الأضرار الناجمة عن ذلك تدني مستوى الطلاب التعليمي ، ونشوء جيل غير مؤهل وغير معد وفق الأسس التربوية والتعليمية الحقة ناهيك عما يصيبهم من الأضرار الجسدية والنفسية التي تؤثر عليهم طوال حياتهم ، وتلك كارثة حقيقية وضرر فادح على الوطن الخاسر الأكبر .. أما ما يتعلق بالرقابة والمتابعة لكل شأن من شؤون التربية والتعليم فالمطلوب تفعيل دورها بشكل حقيقي لا وهمي كالوضع الراهن ، سواء في مكاتب التربية والتعليم بالمحافظات أو في المدارس المنتشرة على أرض السعيدة أو في ديوان الوزارة العامر .. بحيث يتم إصلاح الخلل هنا وهناك على طريق اجتثاث الفساد الذي تغلغل في الدوائر التعليمية وتجذر .. كما هو حاله في العديد من الدوائر والهيئات والمصالح الحكومية التي يُنتظر من الوطنيين المخلصين العاملين بها المضي على أقصر طريق للقضاء على داء الفساد أس البلاء ومصدر الخسائر والمخاطر .. وسيظل الأمل كبيراً لدى أبناء هذا الوطن في مبادرة الخيرين في التربية والتعليم بترك مكاتبهم والنزول الميداني لاستطلاع أوضاع المدارس عن قرب بصورة مستمرة ، ليتمكنوا من التقييم والتقويم ، ووضع حد لتلك المهازل التي تسيء للدور المقدس للمربين والمعلمين الأفاضل أنقياء الضمائر .. وتفعيل منع استخدام العنف في المدارس بأي شكل من الأشكال ، وفرض عقاب فعلي صارم لمن خالف ذلك ، فقد تجاوز العالم عصور التخلف وولج عصر التعليم الحديث واستخدام أحدث التقنيات العلمية .. وأساليب التعليم المتطورة التي تعتمد على عناصر التشويق للأطفال والناشئة التي تحببهم في العلم والمعرفة ، لا استخدام العنف والأساليب الفجة غير السوية .. فأين نحن مما يجري في العالم من تطورات متسارعة في المجالات التربوية والتعليمية ..؟ وتلك هي القضية . [email protected]