لسنا تلك الأبواق التي تسكنها أصداء التبعية وتسوقها سياط العبودية وإنما نحن ممن يؤمن بكلمة حق نقولها ولو أمام سلطانٍ جائر، مع إيماننا أن لا جور يصيب الناس إلا بما كسبت أيديهم، وكلمة حق تخطها أقلامنا في حق محافظنا الشاب، رجل العطاء الذي لم يدع له البعض فرصة الانسكاب من قمم الكرم إلى أودية الجود حسداً من عند أنفسهم وعدواً بغير علم ولا كتابٍ مبين. لقد أحسن الأخ/شوقي أحمد حين أصدر قراراً بإنهاء عقوبة الاستقطاع الشهري من رواتب الموظفين المستجدين والذين توقف بهم قطار الوظيفة الحكومية في محطة السياسة الحزبية حتى أضحى البعض يسمينا ب«دفعة الثورة» أو “ضحايا القرار الرئاسي للرئيس السابق” وكأننا لسنا من أبناء الوطن ولا نجلس على مقاعد الخدمة الوطنية في صورة سافرة لانعدام التوافق الحكومي لتلك القرارات الصادرة عن من يملك حق العطاء دون أن يكون مالكاً لحق المنع، قرارات لا نشعر أنها تنصفنا كمواطنين نعلم تماماً أبجدية الفصل بين الحق والواجب، الحق الذي نستحق والواجب الذي نؤديه على خير وجه وبأفضل صورة وانظف وسيلة، كنا قد شعرنا لفترة وجيزة كأبناء لمحافظة تعز أننا أيتام، لا أب لنا ليرعانا ويتفقد أحوالنا وينصفنا ممن يحاول إيذاءنا ويستقوي علينا في غياب الأسد الذي يحمي العرين ويغمر قاطنيه بالأمان والطمأنينة وإن كانت وحوش الغاب قد كشّرت عن أنيابها في وقتٍ مبكر، إلا أنه يبقى الوالد الذي يحمي ورجل المحافظة الذي يعي احتياجاتها ومتطلبات أبنائها، لقد كان ذلك القرار الصائب منحة ذكية في محنة غبية افتعلها من اعتادوا الاصطياد في الماء العكر، أولئك الذين اعتادوا أن يكون لهم في كل عرسٍ قرص! ومن الإنصاف في حق انفسنا ومع محافظنا أن نقول: إن تعز بحاجة إلى مثل هذه القرارات التي تحاكي احتياجات الناس وتسهم في إعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم خاصة وأن تعز محافظة مدنية وتسعى لترجمة مدنيتها عبر إخلائها من لغة العنف والسلاح والفوضى وإرساء قواعد المدنية الحقة عبر أنماط سلوكية راقية تعبر عن مستوى الفهم العميق لفلسفة الحق والواجب وتؤمن بتطبيق مبادئ الثواب والعقاب والعدالة والمساواة الإنسانية كما تؤمن أيضاً بحق الآخر في الحياة والطرح وتناول قضايا الوطن من زوايا متعددة والمشاركة في إيجاد الحلول العملية والآمنة التي تخرج الوطن من مآزقه المتتالية على مستويات عدة. قرار عودة اللجان الأمنية لممارسة عملها أيضاً من القرارات الهامة التي تشهد المحافظة آثاره الإيجابية يوماً بعد يوم ولعل الكي قد يكون آخر الأدوية لكنه أنجعها حين يصبح ضرورة لا مفر منها ولا غنى عنها لإيقاف النزف وشفاء الجرح. محافظنا رجل مرحلة استثنائي ولا ينقصه إلا أن يكون لديه البطانة الصالحة والحاشية الطيبة التي لاتحول بينه وبين أبناء المحافظة الشرفاء والذين تتمزق قلوبهم كمداً وهم يحاولون الوقوف في الصفوف الأمامية ومن موكب العطاء للوطن لكنهم يتعثرون بقلوبٍ حاقدة وألسنةٍ وضيعه اعتادت أن تعرقل النماء والازدهار حتى لا يتوقف هدير مصالحها الرخيصة وطوفان أمانيها الناقصة، ولأنه ابن السعيد الذي اعتدنا تسامحه ولمسنا سمو طموحه فهو لا يقف عند مثل هذه المطبات الخاوية والعقبات المفتعلة والمفبركة، أيضاً هو لايفقد ألقه الوطني وبريقه التعزّي مهما كانت عواصف السياسة عاتية ومدمرة، ويكفي أن نلمس بأيدينا ملفات تعز الغائرة في وحل التآمر حتى نعلم من حبيب هذه المحافظة ومن عدوها.تعز بحاجة إليك إيها المحافظ الفتي، بحاجة إلى قرارات أمنية صارمة، فنحن نعيش مرحلة تاريخية لن يسطرها إلا إنسان يملك فكراً ناضجاً وجرأة كاملة وقدرة على استشفاف احتياجات الناس وذكاءً في الوصول إلى قلوبهم واعتقد أنك تملك المسئولية الوطنية التي تجعلك قادراً على إنجاز ذلك كله عبر خطط غنية بالحزم وقوة الإرادة والجدية في التنفيذ، كلنا نحب تعز، لكننا نحبها كما تحبها أنت جميلة،نظيفة آمنة،مطمئنة،ثائرة بالحب والخير والسلام وخالية من العنف والبغضاء والكراهية، تستطيع أن تفعل الكثير مادمت تملك قلوب الكثيرين في تعز.