حين رحل عن عالمنا الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أواخر أيام العام 2007م (28/ديسمبر/2007) كان قد ترك في البلاد عشرة مشائخ، غير متزاحمين على كرسي شيخ قبيلة حاشد «كبرى القبائل» الذي تُرك حسب الوصية والعُرف القبلي للابن الأكبر (صادق) والبقية توزّعوا في الحياة العامة بوصفهم ورثة الاسم القوي في اليمن والذي لم يغب عن المشهد في الحياة السياسية والتأثير فيه طيلة خمس وأربعين سنة (1962 2007). من الأبناء ظهر الشيخ الملياردير الذي تراكمت ثروته خلال عقد ونصف بطريقة مهولة والذي قال إنه بدأها (بصندقة..!!) وإلى جانبه برز الشيخ السياسي الذي أسّس حزباًَ على انقاض مجلس التضامن الوطني؛ استقطب إليه أربعين برلمانياً أسالت لعابهم الأموال الكثيرة التي جمعها الشيخ الصغير ب«طريقة الحاوي» من أكثر الأنظمة تعارضاً، الثالث الشيخ البرلماني الذي لم يغب عن ذهنه أن الكرسي الذي يقعد عليه الراعي ليس ملكاً لأحد غيره لأنه من يملك الحق في خلافة والده الراحل الذي شغر الموقع بين عامي 1993 - 2007م، والشيخ الرياضي الذي لم يركل كرة في حياته، لكن ترصيع مكانة العائلة بأحد الألقاب الناعمة مهم جداً في تعزيز المركز الاجتماعي وتلميعه، وبالتأكيد ليس آخرهم القائد الميداني المعيّن بقرار جمهوري كملحق عسكري في الشقيقة في إطار صفقة اقتسام غنيمة السلطة!!. الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ظل حتى وفاته رئيساً للهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح؛ أحد أكبر الأحزاب السياسية في اليمن والذي أُسس مع بزوغ فجر الوحدة بتآلف من عدد من القوى والاتجاهات المشيخية والعسكرية والدينية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والتيار الوهابي ومشايخ القبائل المرتبطين بالسعودية وبعض التجار؛ وكل ذلك من إجل إيجاد تيار قوي لمجابهة اللحظة الجديدة التي تخلّقت مع ولادة الجمهورية اليمنية وحاملها الحزب الاشتراكي اليمني والتي فتحت أفقاً جديداً أمام الحلم المختلف، وبشّرت بولادة واقع جديد لشعب عانى لسنوات طويلة الانقسام واللا استقرار، لهذا حين قِيّدت البلاد إلى كارثة صيف أربعة وتسعين؛ كان هذا التآلف بجحافله أول من اجتاح الجنوب بقواه الكهفية من جهاديين ومتفيّدين ومصفّي حسابات قديمة مع الحزب وأبناء الجنوب، تقودهم فتوى الاستباحة التي أطلقها مشائخ الإصلاح وعلى رأسهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني، رئيس شورى تجمع الإصلاح وعضو مجلس الرئاسة (1993 1994) الذي دشّن عودة الإقامة في اليمن مطلع التسعينيات (بعد بيشاور وتورا بورا ونجد) بفتاوى تكفير الوحدة اليمنية (التي لم تكن الشقيقة راضية عنها) وتالياً تكفير دستور دولة الوحدة والمصوّتين له في العام 1991م، قبل أن يجول معسكرات الجيش في ذروة تحضير الحلفاء للاجتياح بمباركة من رئيس النظام وقتذاك علي عبدالله صالح منذ أواخر العام 1993م محرّضاً ضد أبناء الجنوب، وداعماً لفكرة القتل!!. ومنذ تأسيسه جامعة الإيمان أواسط التسعينيات (1995) على أراض خاصة بجامعة صنعاء وأساتذتها بدعم سخي من النظام (الذي كان عليه أن يدفع فاتورة حرب صيف أربعة وتسعين للشركاء الفعليين ومنهم الجماعات الجهادية) عمد الأخير إلى تحويل الجامعة إلى معمل تفريخ للتشدُّد، أول الدروس فيها تبدأ بتعليم أبجدية التكفير لطلاب اُنتقوا بعناية من بيئات مشجّعة لهذا النزوع، بواسطة هذه الجامعة حاول الزنداني تسويق نفسه بوصفه عالما ًطبيا ًمكتشفاً لعلاج نقص المناعة المكتسبة (الايدز) الذي لم تتجرّأ كبريات الجامعات ومراكز الأبحاث في العالم الإعلان عنه؛ وأعلن عن مكتشفاته الزنداني من كهفه في «مذبح» الذي لم يكتف بذلك بل قام قبل فترة ليست بطويلة بإعلانه اكتشاف (وصفات) اقتصادية ناجعة لمعالجة قضايا الفقر، مستغلاً وعي المجتمع البسيط والمتدنّي والذي برع طويلاً في تطويعه لقبول خطاب التعمية الذي يطلقه في اتجاهات متعدّدة. محاولات الزنداني الدؤوبة لخلق مشهد احتقاني يقترب من حالة ما قبل حرب صيف 94م، حين نشطت فتاوى التكفير بالتوازي مع تصفيات الخصوم السياسيين لم تكل منذ العام 2010م، بل عمل على تعزيز صوته بصوت من سيرثه في الأموال والأنعام، ونعني أبناءه «محمد وعائشة وأسماء» الذين بدأوا التدرُّب على هذا الشعب الغلبان «بوصفهم أبناءً للشيخ الزنداني» بإطلاق فتاواهم التكفيرية ضد الخصوم السياسيين على نحو ما فعله خلال الأيام الماضية الأب والابن معاً في تكفير أعضاء في فريق بناء الدولة بمؤتمر الحوار الوطني، مخرجين إياهم من ملّة الإسلام بسبب تسجيلهم رأياً فكرياً مغايراً؛ ومنه اقتراح مادة دستورية تحظر استخدام الخطاب الديني في العمل السياسي، وتجرّم الفتاوى التكفيرية بحق الأشخاص أو الجماعات السياسية. رابط المقال على الفيس بوك