مهَّدت السياسات المالية والاستثمارية للجمهوريين الجُدد في الولاياتالمتحدة، إلى ظهور الفقاعة المالية التي سبقت الانهيار المشهود في عديد الشركات والبورصات المالية، وأفضت إلى عديد الأزمات الاقتصادية الداخلية، وخاصة ما يتعلق منها بالرهن العقاري الذي طال ملايين المواطنين الأمريكيين. جرى كل ذلك في ظل حروب متعددة شنتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وخاصة إدارتي بوش الأب وبوش الابن الجمهوريتين، وكانت النتيجة.. مزيداً من تحميل الاقتصاد الأمريكي أثقالاً باهظة، بمقابل الفرص الكبيرة التي نالتها الاقتصاديات الأوروبية الأكثر اعتداداً بالحماية والرُّشد كالاقتصادين البريطاني والألماني، بالإضافة إلى الفرص المواتية التي نالتها روسياوالصين، مما انعكس على التنمية والتطوير في كلا البلدين. الحالة الروسية تلخَّصت في استعادة السيطرة على الاقتصاد الداخلي الروسي المتنوع كماً وكيفاً، فقد نجحت روسيا في تحقيق تنمية متصاعدة، فيما أعادت تدوير مؤسسة الصناعات العسكرية الاستراتيجية، واستفادت من الميزات النسبية في حقول النفط والغاز والمعادن، حتى أننا نستطيع القول إن روسيا لا ينقصها الشيء الكثير لكي تستعيد مكانة الدولة العظمى، المعتمدة جوهراً وأساساً على مقدراتها الداخلية. وبالمقابل ازدهر الاقتصاد الصيني ليسجل قفزة كبرى، ويتحوَّل من الرقم 13 عالمياً، إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة.. غير أن الصين اعتمدت في تسارع نمائها على قدرتها الاختراقية للتجارة الدولية، ومرونتها في التعامل مع ثمار التكنولوجيا، وهي بهذا المعنى تعيد إنتاج التجربتين اليابانية والكورية الجنوبية، في أُفق أشمل وأوسع.. لكن هذه التجربة بالذات، تجعل الصين في وارد الاعتماد الواسع على العوامل الخارجية، وخاصة الاستيراد الهائل للنفط، والاعتماد الكبير على أسواق التصريف التجارية الدولية، وتناقص الميزات النسبية لقوتها الاقتصاية الاعتيادية، بالنظر لحضورها الكبير العابر للقارات، وهو أمر معكوس تماماً في الحالة الروسية، المُجيَّرة على الموارد الذاتية والاقتصاد الريعي الكبير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك