الهم الذي يشغل المفكرين السياسيين في مختلف العصور هو حالة الإنسان ،فبعض المفكرين وصفه بالمثالية وحب الإيثار والبعض الآخر قال بأن الإنسان أناني بطبعه تسيطر عليه الأنا, وهذا الاختلاف في وصف الإنسان ليس حالة مزاجية لدى المفكرين في مجال الفلسفة السياسية عبر العصور المختلفة, لأن الفيلسوف أو المفكر السياسي ابن عصره يتحدث بلسان زمانه ومكانه ويعكس صورة الإنسان في فكره, ولذلك فإن وصف الإنسان بالمثالية أو الأنانية ليست متعلقة بذات المفكر أو الفيلسوف وإنما بالأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية التي عاش فيها المفكر, ولذلك عندما نقرأ للفارابي أو الغزالي في جانب المثالية سنجد أحد أمرين إما أن المفكر يكتب عما ينبغي أن يكون وهذا ضرب من الخيال, أو أن الحياة التي عاشها في ذلك الزمان تميل إلى المثالية, وعندما نقرأ كذلك في الفكر السياسي الإسلامي لعبدالرحمن بن خلدون اليماني الحضرمي سنجد أن المفكر كان لواقع مر عكسه فيما لاحظه عن الحياة السائدة في عصره, وكذلك عندما نقرأ لأفلاطون وميكيافللي ومفكري العقد الاجتماعي فإننا سنجد نفس التفكير. إن الحديث عن الفكر السياسي سواءً كان في الفكر العربي الإسلامي أو الفكر الأوروبي يحتاج إلى قراءة الظروف والملابسات التي أحاطت بالمفكر لمعرفة السبب الذي جعله يقول ذلك القول, ولا يجوز الوقوف عند الأفكار فحسب, ففي الفكر الإسلامي عندما اختلف المفكرون في قضية الخروج على الحاكم فبعضهم قال بالخروج والبعض الآخر رفض الخروج عليه ينبغي علينا معرفة مختلفة الظروف والمؤثرات في الزمان والمكان الذي عاشه المفكر لمعرفة أسباب تلك الأقوال. إن دراسة الفكر السياسي تقدم النماذج المختلفة لأشكال الدول والحكومات وتقدم تفضيلات المفكرين لتلك الأشكال, وبالدراسة المنهجية العلمية والموضوعية سنجد أن تلك التفضيلات كانت قائمة بنظرة موضوعية وفكرة استراتيجية ولم تكن عبثية كما نشاهده اليوم من الهرطقات والخزعبلات التي يتحدث عنها البعض بعيداً عن الموضوعية والخصوصية الزمانية والمكانية, ولذلك ينبغي على المنتدبين للحوار الوطني أن يتحملوا المسئولية الوطنية والدينية والإنسانية في اختيار شكل الدولة والحكومة من أجل يمن قوي بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك