تهيمن على الحياة العامة حالة من الترقب والقلق إزاء ما يمكن أن يتوصل إليه شركاء التسوية من القوى السياسية والاجتماعية، خاصة مع اقتراب لحظة إسدال الستار على مؤتمر الحوار الوطني. لقد مرت عملية الحوار بأطوار متعددة.. وهي في مجمل الحالات أشبه بالولادة تتماشى ونواميس الحياة؛ إذ تبدأ مراحل الحمل طبيعية إلى أن تحين لحظة الولادة التي تبعث على السعادة، رغم آلام المخاض. ويتمنى اليمنيون والمراقبون على حد سواء أن تتيسر على المشاركين في مؤتمر الحوار ولادة مشروع قيام اليمن الجديد على أنقاض ومخلفات الماضي، يتلافى فيه الجميع مغبة السقوط في بئر عميقة، لا يعود فيه الوطن قادراً على الوقوف على قدميه مجدداً، بل لعل أمنية اليمنيين لا تقتصر على مجرد الاستبشار بالولادة الطبيعية، ولكن تتجاوز ذلك إلى الطموح بأن يكون المولود الجديد معافى من هزال التقصير وأمراض كزاز الحكم المركزي وشلل المشاريع الصغيرة. إن القول الأنسب - في هذا المضمار– أن البيئة الإقليمية والدولية الحاضنة لهذه الولادة لديها من الإرادة والإمكانات ما يمكنها أن تساهم في أن تكون الولادة لهذا المشروع خالية من العيوب والثغرات، غير أن ذلك لن يكون كافياً ما لم تكن ثمة رغبة صادقة من الأطراف المعنية بالقضية الجنوبية تحديداً بأن تكون هذه الولادة ناجحة والمولود يرفل بأثواب الصحة والعافية والديمومة والبقاء.. بمعنى آخر إن الكرة الآن في ملعب فريق القضية الجنوبية والأطراف الأخرى المتشددة للقبول بصيغة اتفاق توازن بين مصالح جميع الأطراف وترضي شركاء العملية السياسية سواء في الجنوب أو الشمال ..وفي الاتجاه الذي تغادر فيه تلك الأطراف زوايا التشدد إلى مناطق الاعتدال!. ولا أجدني – في هذا الصدد – إلَّا كباقي المواطنين المتفائلين بأن جراح الماضي لن تعكر صفو روح التصالح والحكمة التي يتمثلها أبناء اليمن على الدوام.. وعلى الرغم من كل الاعتمالات التي تواكب عملية الحوار وهي توشك على خاتمتها إلّا أن ثمة جدية وصدقية في الخلاص من تلك الحالة الميؤوسة يعبر عنها شركاء العملية السياسية من داخل قوام مؤتمر الحوار من خلال التفاهمات على وضع اللمسات الأخيرة لإخراج اليمن إلى فضاء الأمل وليس فقط إخراج مؤتمر الحوار إلى نتائج مرضية تضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار. وإذا سارت الأمور بمثل هذه الصدقية والجدية فإن الأمل في أن تكون ولادة اليمن الجديد على خير ما يرام. رابط المقال على الفيس بوك