ذات فرح قديم, كنا نعرف كيف نبتسم دون قيد أو شرط ولم نكن نعرف للفرح معنىً آخر سواه .. ومن أجل هذا كنا في ليلة العيد نخبئ ملابسنا الجديدة تحت وسائدنا بانتظار أن تشرق شمس العيد في سماء عيوننا وتبذر فينا ترانيم فرح وتراتيل ضوء وتحصد في مقل الروح سنابل بسمات لا تنطفئ فيها ألوان قوس قزح الفرائحية، كنا كذلك حينما كنا صغاراً وحينما كنا نكتب في عيوننا ميلاد النهار.. كنا نعرف كيف نصغي لصوت غيمات مسافرة إلى حيث الأمل يفتح لنا يديه ليضمنا إلى قافلة الأحلام والحب الكبير.. كنا نعرف كيف نرتدي ملابسنا الجديدة وفي الجانب الآخر تتلبسنا الأمنية الخفية بأن يدوم هذا اليوم طويلاً وألا يحل الرحيل ولا تغفو النوارس عند المغيب أو يُلَوح لنا قوس قزح بيديه معلناً وشاهراً سيف الوداع. كانت هناك عيون ساهرة بالحب تحرسنا وقلوب حانية بالدفء ترعانا .. وأيادٍ مباركة تكلل أعناقنا بالرياحين وتطرز خطواتنا بالدعوات. كنا ... وكنا ... أشياء كثيرة كنّاها ولم يبقَ منها سوى جرس ذكرى يدق بالحزن أبواب قلب مشطور... والآن هل بقي لدينا وقت للفرح؟؟ وهل ما زال فينا من لديه وقت شاغر للابتسام!!؟ نضحك ويزاحمنا الدمع على المبتدأ.. نكتب فتفر من أناملنا الحروف.. نتكلم فتتمرد علينا الكلمات .. نذهب إلى حيث اللحظة تعلن وجعها وفي آخر النهار نحصي خطواتنا والخسارات .. ويتجدد فينا رماد الهواجس يذكرنا بالفقد الكبير لكل ما يربطنا بالأمنيات البيضاء.. صرنا فقط نجمع من بساتيننا الجرداء عيداناً متكسرة وأكواما مترنحة .. وزهر الخيبات يبرعم فينا مزيدا من المرارة.. تشدو الحياة إذا ما انكسرنا .. يترنم الزمان إذا ما حزنا ويزيد فينا وخزات الانحناء. صرنا نترقب ما يحمل لنا الليل في عباءته من أفول يشتت الفكرة ويبعث من النفس شروداً يتموج على بعد مداءات محتشدة بالأخيلة.. دخان الصمت ينسج أطيافه حول تمتمات الكلمات ويحيك من مقل السكون أهدابا للخوف ينثرها فوق شفاه مطبقة.كومة من البهجات الآفلة تُأرجحنا بين الجب والهاوية ويتوجب علينا أن نُشمر لها سواعد الصبر وان نتسمر في موقع الدهشة نمني النفس أن تزورنا الشمس عند أي صباح ربما يتذكر أننا مازلنا بانتظار الأحلام المبتورة كي تتحقق. أجل غادرتنا الطفولة..كبرنا وكبر معنا كل شيء.. أجسادنا.. أصابعنا.أقدامنا تعاريج نبضنا وشكل خواطرنا وملامحنا إلا الفرح فين فقد صغر وتضاءل إلى أن تلاشى وضاع وسط غربة تسكننا رغم زحمة الأقدام والوجوه المحتشدة بالخواء.. ومازال سؤال يترنح في خاطري يجبرني أن أخُطه ,, يا ترى ماذا يعني العيد؟؟ ولكن رغم كل هذه الترانيم الآفلة .. عيدكم مبارك.