مجدّداً يستعيد اليمنيون وحدتهم عبر الحوار الوطني؛ لكنها اليوم تختلف عن تلك الوحدة التي قامت في 22 مايو 1990م وإن كانت نتاجاً لها وتواصلاً معها، إنهم اليوم يرفعون شعار الاتحاد، مصحّحين مسار الوحدة والثورة معاً؛ ذلك أن العنصر الرئيس فيما تم التوصل إليه عبر الحوار يتمثّل في شكل الدولة اليمنية الجديدة، والتوافق على إقامة دولة اتحادية متعددة الأقاليم. لا يهم كم عدد الأقاليم؛ ولكن المهم أنها أكثر من إقليمين، ما تبقى من عناوين ومحاور جرى نقاشها على مدى الستة الأشهر الماضية في فرق عمل وأروقة مؤتمر الحوار ما هي إلا متغيرات تابعة للمتغير الرئيس المتمثل في شكل الدولة الذي يتحدّد وفقاً له شكل النظام السياسي، البناء الدستوري، النظام الانتخابي. لم يعد هناك متسع من الوقت لإعادة النقاش من جديد حول الحكم الرشيد الذي نريد، أو حول القضية الجنوبية، أو حول قضية صعدة؛ أصبحت القضية هي قضية وطن، قضية دولة يجب أن تقام على أنقاض بقايا الثورة، وبقايا النظام معاً. التوافق على دولة اتحادية متعددة الأقاليم يعني حلاً شاملاً لكل مشاكل اليمنيين في كل أنحاء الوطن والذي معه ينتهي مبرر البحث عن حلول جزئية لمشكلة كل محافظة أو مديرية على حدة أو تشكيل حركات جغرافية أو مذهبيه أو مناطقية، فالدولة الاتحادية شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً ستخضع لدستور واحد، قوانين اتحادية موحدة،، وستكون هناك قوانين إقليمية تتلاءم مع خصوصيات كل إقليم على حدة كما هو الحال في الدول الاتحادية المتطورة في العالم المتقدم، حيث يحقّق كل إقليم ذاته ويحافظ على هويته وثقافته، وتراثه ضمن هوية الدولة الاتحادية، وتنتهي تماماً تلك الشكاوى التي كثيراً ما ترددت حول سياسة الضم والإلحاق والاستقواء بالأغلبية العددية، وتحل محلها العدالة السياسية والتنموية وتكافؤ الفرص بما يتيح للجميع إطلاق طاقاتهم ومواهبهم، والتنافس الإيجابي من أجل بناء وطن يمني مزدهر ومتطور. لذلك ونحن على مشارف اختتام مؤتمر الحوار الوطني نقول إنه حتى لو انتهى مؤتمر الحوار من عمله، فإن الحوار لن ينتهي؛ لأن الحوار الذي سوف يمتد ليشمل خارطة الوطن هو الذي سوف يبدأ بالفعل والذي عبّر عنه الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي بدعوة أعضاء مؤتمر الحوار الوطني للتحرُّك في أوساط الشعب، وأن يكونوا سفراء في نشر القيم والنتائج التي أسفر عنها الحوار الوطني الشامل، وتهيئة الرأي العام للمبادئ والقيم الدستورية، والحقوق والحريات التي تضمنها لهم الدولة الاتحادية وفقاً للدستور الذي من المتوقع صياغته عمّا قريب وإنزاله إلى الشعب للاستفتاء. إن في مقدمة المهام الماثلة أمام الطلائع الواعية في هذا المجتمع التحرك الواسع والتهيئة الشاملة للفعل الثوري الحقيقي، وذراع التغيير الواقعي المتمثل في الانتقال إلى رحاب الدولة اليمنية الاتحادية، وتبيان ما ستوفره لكل اليمنيين سواء على مستوى كل إقليم على حدة أم ضمن الدولة الاتحادية ككل من مزايا الحكم المحلي الواضح والمحدّد الصلاحيات والمسؤوليات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك