اذا أثرنا هذا السؤال المزدوج : ماذا قبل الحوار الوطني ؟ وماذا بعده ؟ فإن الجواب يصدر بداهة من كل المواطنين بلا استثناء بالقول كان قبل الحوار أزمة وطنية شاملة , وما بعده سيكون انفراجاً في الأزمة وخروجاً منها الى بديل أفضل , وهذا الجواب يتيح لنا تعريف الحوار بأنه العملية التي يشترك فيها أطراف الأزمة في البحث عن الحلول المتاحة والممكنة للأزمة , وتصور البديل الأمثل لتجاوزها كلياً وتماماً في المستقبل المنشود . هذا التعريف الميسر والموجز للحوار الوطني الشامل , يضعنا في معاينة واقعه القائم في اليمن , أمام تحديات الانتهاء من جدول أعماله في الزمن المحدد ,وهي التحديات الناجمة عن الصراع الخفي , والظاهر بين مكونات الحوار حول مستقبلها على ضوء نتائجه التي تسعى لإعادة بناء اليمن وصياغة مستقبله في دستور جديد , يحقق للشعب حلمه في دولة النظام والقانون . تثير بعض القوى السياسية المشاركة في الحوار ما تراه خروجاً عن سياق المبادرة الخليجية , في تبرير رفضها لبعض نتائج الحوار , وأهم هذه الاعتراضات تدور حول الجدل الدائر الآن بين خيار تمديد الفترة الانتقالية , أو الخروج منها الى ما تحدده المبادرة بالانتخابات . بداية نقول: إن هذه النتائج التي وضعتها المبادرة لنهاية الفترة الانتقالية,لاتتسق وتأكيدها على أن الحوار هو الطريق الوحيد امام قوى الصراع لتسوية الأزمة وإعادة بناء يمن جديد , وعليه , فإن ما بعد الحوار يقرره الحوار نفسه , ويكون المستقبل مفتوحاً للتصورات والمشاريع التي صيغت بالحوار وتوافقت عليها أطرافه بالآليات التي حددتها لحسم الخلاف بينها حول حلول المشكلات وتصورات البديل . كذلك , تكون مواقف الانسحاب من الحوار اعتراضاً على عدم رضا الأطراف المنسحبة عن القرارات والنتائج خاطئة لخروجها عن القواعد المنطمة للعملية الحوارية والتي قبلت بها كآلية لتنظيم عمل فرق الحوار وإطاره العام , فكل القضايا التسع محكومة بهذا النظام ومحتكمة إليه في الحسم والقبول. من المهم هنا أن نشير الى أن الحوار يقضي الى مرحلة محددة لبناء وتنفيذ مشاريعه ومقترحاته , وهو مصدر تأسيس الشرعية التالية لاكتمال مهامه, باعتباره الأداة المخولة بالمبادرة وبتوافق قوى الصراع عليها , بوضع الحلول واعادة بناء الدولة اليمنية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك