في مقالي المنشور في عدد أمس، أشرت إلى ثنائية أدوات الثورة اليمنية، سواءً من حيث توقيت انطلاقتها أو من حيث المنعطفات التي مرت بها حتى اكتمل عودها وتحققت أهداف واحدية انتمائها ونضالها وتطلعات أبنائها الخلاص من ربقة الحكم السلالي وجبروت الاستعمار البريطاني. اليوم ونحن نحتفل بالعيد الذهبي لثورة ال 14 من أكتوبر المجيدة ،إنما نستلهم تلك المعاني والدلالات من حيث واحدية النضال الذي امتزج فيه الدم اليمني وتوحدت الإرادة الوطنية من أجل حرية واستقلال الوطن وواحدية قيام نظام متطور وديمقراطي.. وهي الشعارات التي رفع رايتها النظام السياسي في جنوبنا الحبيب إبان التشطير. والحقيقة ، فإن النظامين السياسيين ، سواءً في الجنوب أو في الشمال ظلا متمسكين بشرط تحقيق إعادة وحدة الوطن، إذ حملت أدبيات النظامين – حتى في أكثر الفترات اختلافاً واحتراباً – تطلعات الوحدة كخيار موضوعي ينسجم مع حقائق التاريخ والجغرافيا وبديلاً لكل تلك الأزمات والتداعيات التي صاحبت المشهد التشطيري إلى أن تحقق إنجاز إعادة تحقيق وحدة الوطن بعد أن ظل هدفاً سامياً للحركة الوطنية وعلى امتداد التاريخ المعاصر، بل ومن الإنصاف القول إن طلائع هذه الحركة ومثقفيها من مختلف التوجهات السياسية والمشارب الفكرية كانوا أكثر حماسة لتحقيق الوحدة، باعتبارها الحل الموضوعي والحضاري لمجمل مشكلات التبعية والتخلف . ولست هنا في معرض استحضار التداعيات التي عصفت بهذه الآمال والتطلعات إثر حرب صيف 1994 م وأدت إلى هذا الشرخ القائم في جدار اللُحمة الوطنية وأدى - بالنتيجة - إلى تعدد الاجتهادات إزاء خيارات الانفصال أم تصحيح بنية النظام السياسي من الدولة البسيطة إلى الدولة المركبة .. وهو ما يجري حالياً داخل ردهات مؤتمر الحوار الوطني الذي يعمل حثيثاً في اتجاه وضع الترتيبات النهائية لمخرجاته والمؤكدة في مجملها على أن حل القضية الجنوبية يأتي في طليعة الحلول لمجمل القضايا المختلفة إن لم يكن هو جوهر حل المشكل المجتمعي برمته . وحسناً أن تتزامن احتفالات الشعب اليمني بأعياد الثورة اليمنية مع اقتراب توصل المكونات السياسية والمجتمعية إلى مخرجات تضمن تحقيق شرط تصحيح مسار الوحدة وتصويب أخطائها وبما يكفل تعزيز قيم الشراكة في السلطة والثروة وترسيخ مبادئ العدل والحرية والمساواة، باعتبار أن ذلك هو الخيار الأنسب لليمنيين عوضاً عن الذهاب إلى خيارات الانفصال التي ستكون بمثابة العودة مجدداً إلى مربعات الاحتراب الأهلي .. وبالتالي إضاعة فرصة تاريخية إضافية لإمكانية انطلاقة المارد من قُمقُمه الأزلي!!. رابط المقال على الفيس بوك