حين خلق الله سبحانه وتعالى البشر وإسناد خلافة الأرض لهم، جعل نصيبهم من العقل واحداً، حيث جعل الأب للبشرية واحداً يحمل صفات جينية ووراثية واحدة، ثم “علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين الآية( 31 ) قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم الآية( 32 ) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون الآية( 33 ) )سورة البقرة وجاء في التفاسير أن كل أسم يسمي بها البشر في أي مجال من المجالات قد علمه الله سبحانه لآدم وجعله مخزونا في ذاكرته، وبالتالي توارثه أبناؤه من بعده,, وهذا ما يجعلني أقول كرأي شخصي لن أجبر أحداً أن يؤمن به أن العقول البشرية متساوية في كل شيء ويأتي الاختلاف في قدرة كل إنسان على إعمال عقله وبنائه بالتفكير والعلم.. كنا مجموعة صديقات وحدث أن خضنا نقاشنا في إحدى جلسات العيد مع صديقة لنا لا تزال طالبة في الجامعة، كانت طريقتها في التفكير غريبة جدا بل ومخيفة، وليست الغرابة ولا الخوف من وجهة نظرها في الموضوع الذي ناقشناه على سخافته، بل في إيمانها العميق أن إعمال العقل بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم يعد “ كفرا وفجورا” يعني كل كل واحد منا أن ينزع عقله من رأسه ويضع بدله حذاءً قديماً مقاسه لا يقل عن 50..؟! أنا لا اجد تفسيرا لفكرة أن يجمد العقل لأن محمد بن عبد الله مات قبل مئات السنين، ولا اجد تفسيرا لمعنى أن يفكر طالب أو طالبة في الجامعة بتلك الطريقة حيث أن فترة الجامعة هي الفترة الذهبية التي يجب أن يكون فيها العقل ألة لا تتوقف عن العمل..؟؟ حتى أمور الدين مهما بلغت من الأهمية تحتاج إلى تفكير وإعادة تأهيل لتكون صالحة لما نحن عليه اليوم، لدينا ثابته واحدة في ديننا الإسلامي يجب أن لا نفكر بها ولا نحدث عليها تجديد وهي “ الشهادتين” وغير ذلك أمور دنيوية يجب أن نختلف ونتفق ونتناقش ونجدد فيها، أن نضع قشور الدين ولبه في خانة واحدة فهذه ظاهرة مخيفة جدا هي ما تجعل التطرف سمة أشخاص معينين، يرون في هذا المجتمع مجتمعا كافراً ملحداً فاجراً بحاجة وهذا ما يولد الإرهاب والعداء للآخر حين يختلف معنا في الرأي. من أين لنا بمشايخ وعلماء وفقهاء يعلمون الناس أن الاختلاف رحمة وأن العقل اكبر نعمة أنعم الله بها على البشر، ووظيفته الأساسية هي التفكير للوصول إلى القناعات المختلفة. ليس تديناً ولا تقرباً لله أن تتهم وتكفر وتحاكم أفكار الناس لأنهم اختلفوا معك ولم يقتنعوا بفكرك، وعلو صوتك في الحوار لا يعني أنك على حق فقد قيل أن ضعيف الحجة يستعين بصوته. ولدينا في موروثنا الديني قصتين مختلفتين جاء في إسناد الاحاديث موصولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى “ إن الله غفر لبغي من بني إسرائيل سقت كلبا” والأخرى “ لامرأة مسلمة تقوم وتصوم ودخلت النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض” في الأولى غفر للبغي لأن ذنبها كان يتعلق بها فالبغاء ذنب يتعلق بالنفس ولا يتعدى إلى غيره، وغفره حين فعلت خيرا يتعلق بنفس أخرى وهي الكلب، بينما الثانية وهي المرأة المسلمة دخلت النار لأن ذنبها تعدى إلى غيرها وحبست هرة بلا طعام ولا شراب. كم أتمنى لو يفهم المتأسلمون الفرق بين القشور واللب، بين الإسلام المنصوص في القرآن الكريم ن وبين عقد الرجال الذين اسموا انفسهم فقهاء وعلماء ومشايخ وهلم جرا.. وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وعيدكم مبارك.. رابط المقال على الفيس بوك