قد لا أخاف من أي شيء سوى ما قد يعتمل من ثقافة الخوف, وهذا الأخير وهم كبير تصنعه الثقافة وبالخصوص عندما تغيب الأخلاق وتتلاشى القيم في محيط أو بلد بعينه, وحيث لا مستحيل أمام الهروب من رطانات الواقع, فببساطة جرّب مثلاً أن تنام جيداً، وأن تمنح جسدك حق الهدوء والتفكير في حدود وظائفه الطبيعية ومن بينها أيضاً ما يقترن بالروح وحاجته في تناغم الجسد وصحوه أو حاجته للنوم, لا تستبد بجسدك إلى صباح الليل التالي أو بإطالة السهر حتى المساء المتأخر من الليل. يمكنك أن تلج الباب وتفتح النافذة لتحط على العتبة, ومن ثم ف«باب الحاكم» في سياق مفردات البيت ومجتمع الأسرة الصغير أخذ يشيع مدلوله كثقافة بترميز شعبي ترى كون هذا الباب يتوسّط الباب الرئيس أو الخارجي للبيت وغرف البيت الداخلية, وهو لذلك يسمّونه “باب الحاكم” ودرج تفسيرهم لذلك أنه يحكم البيت بمعنى الحماية وصيانته من أي اختراقات أو أذى قد يطوله بما فيه من أنفس ومن أدوات حياة و«السامان» وبما يؤمّن من أية سرقات وغير ذلك, فالمعنى هنا يعكس قدرة الوعي اليمني بالثقافة والتجربة في التحوُّط من سطوة الخوف والأذى أو البطش, وإن في سياقات مضت قدرته على هندسة مخابئه وجحوره وتحصينها في أي مكان وزمان. يمكن أن تحتمل التأويلات المتعدّدة في الثقافة الشعبية أو ثقافة التجربة لتبني لا على سبيل المجاز كما في الأدب فحسب؛ ولكن لتراكم موروثها وتنقده وتضيف إليه ما يقبل التطوير, لذلك لابد أن نحترم تجربة «المفرد بصيغة الجمع» في رغبة تسييج طموحاته لضمان الأمن والسلامة ليغدو ذلك مشروعاً وطنياً متمثّلاً في حراسة باب الدولة من التسرُّبات الشائهة وفساد البعض ليغدو الباب حصناً للشعب والبلاد, وليتم صون مقدّرات الشعب والدولة من أي تعديات أو انتهاك لكرامة أو سيادة وهيبة لقوانينها وما ترمي إليه في نظام الاستقرار السياسي باستدامة الفعل والتحوّلات الإيجابية عبره, أو نلغي واقع الحلم الذي يصنعه الخيال وإرادة الفعل, وإلا ما نكون كشعوب إن لم تحدث تنمية للخيال الخصب وتنمية الأفكار نحو الترقّي بالعلوم الطبيعية والإنسانية والتطبيقية في واقعنا بدلاً من تنمية الفقر والهاويات في حياتنا وصناعته باحترافية سياسية. وما لم نرهن عقولنا لمعرفة حقيقية بأسس علمية للبناء بعيداً عن خرافة الشعارات المتصادمة والتي لا تحمل مشروعاً سوى مزيد تعميق الفجوات وتعطيل المعطل, ما لم نتنبّه وننتبه ونستيقظ بصحو العقول والوعي دونما اكتفاء بالإحالات إلى تأمل الصحو من عدمه في طقس نشرات التلفزة السياسية الملبّدة بالارتهانات, والرهانات المنكشفة, سنؤول إلى خراب وخسارات وتردٍّ وجفاف وإحباط نتيجة لغياب الرؤى العقلانية الوازنة في الفعل المدني لسلوك بوصلة الرؤى العميقة الحلول بخيارات الأداء المتنوّر وتجاوز معترك الراهن الملتبس بالصراعات المصطنعة، كما هو حالنا اليوم في البقاء عند منطقة انحطاط اللحظة السياسية التي نعيش. الخيارات أمام اليمنيين لاتزال متاحة ربما للخروج من مآزق عدّة, وبخاصة إذا ما أردنا للحياة أن تسير بشكل طبيعيي وتُمارس في سياقها الفعل الحضاري بأداء متطور ومختلف على المألوف بشمولية الواحد منذ عقود, الخيارات متاحة إن أراد من عليهم تقع مسؤولية لا مناص من التذرُّع بفشل أو غير ذلك, لأن الإرادة الحرّة والوطنية لم تتأسس كما يبدو لتضع ضمن أولوياتها تدبير شؤون العامة. كلما ثبتت إرادة الفعل الجمعي نحو قيم مدنية يحتاجها الواقع اليوم سيغدو ما قد ينظر إليه البعض ربما كمثاليات هو الخيار الأنجع لتمثل بناء حقيقي ووطني ومدني وإنساني التعايش والسلوك, ونحتاج طهر المقاصد لا مجرد التركيز على التزيد والادعاء وزعم طهارة المبادئ أو بالاقتصار على طهارة الثياب, أو مجرد مسح الجسد بالمياه, دونما طهارة الرؤية والمعرفة بحوار العقول لصالح الشعب الذي ينتظر ما سيؤول إليه مشروع أحلامه وتضحياته المستمرة, انتظاره أن تصدق الأفعال ومصفوفات الحوار ومخرجاته لتغدو مضامين عند مستوى المجتمع لتطبيقها كواقع لدولة؛ لا أن تبقى مرتهنة لمصالح متبضعة لأدوات وصراعات لاعبين, لذا فالعقول تحتاج إلى تصالح مع نفسها وما حولها كشرط لبناء الإنسان أولاً وعقل الدولة والإدارة من خلاله. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك