رئيس التحرير الذي يجيد شد ربطة العنق دون مساعدة أحد ويتقن توبيخ فراش الصحيفة على نسيانه مسح كرسيه الدوار والصحفي بالكاميرا وأداة التسجيل ونظارته السوداء والكاتب بصورته التي التقطت وهو في وضعية فيلسوف قروسطي والسياسي أو الأديب أو أي ضيف من النخبة نُشرت صورته مع حوار صحفي أُجري معه فيتلقى اتصالاً من احد معارفه يقول له : يا أخي لم تعد ذلك المدبر الذي كان يضربه الحي كاملاً اليوم رأيت صورتك في الجريدة فيطلق ضحكة تشبه قهقهة من يؤدي دور ملك في مسلسل تاريخي والمراسلون والمحررون والمصححون والمخرجون الفنيون الذين تعودوا كل نهاية شهر على تسديد تحية لأمين الصندوق وتعمد مصادفته في الأروقة للظفر بمديونية كل هؤلاء .. لا يفقهون البسمة الساخرة التي يطلقها بائع الصحف في وجوههم كلما مروا من أمام الكشك وهذا الأخير الذي لا يفهم أن القراءة العذر الوهمي للمخبر الذي يشتري الجريدة كل يوم ليثقبها للتلصص على الساسة الذين يمقتهم نظامه والسمكري الذي يحمي بها نوافذ السيارة حين يرش الطلاء على جسدها والخباز الذي يعوض بها السلال المخصصة للرغيف والعاطل عن العمل يستجدي وجود إعلان عن حاجة شركة لموظف ويلف بها صاحب البوفية الساندوتشات ويحجب بها الصيدلي أشعة الشمس عن الأدوية التي قد تتلفها الحرارة وتمسح بها المرأة زجاج نوافذ المنزل ويفرشها نادل المطعم للأصناف التي يقدمها لزبائنه ويقرأ حفار القبور صفحة الوفيات ويحل المحبطون والبؤساء الكلمات المتقاطعة وكل هؤلاء أيضاً.. لا يدركون أنني اكتشفت ذلك لأنني لم أجد ثمن نسخة من صحيفة نشرت لي نصاً أضيفه إلى ملف نصوصي المنشورة حتى يكتمل النصاب فأقدم هذا الملف لاتحاد الأدباء كي أحصل على العضوية أملاً في - أن يصدر - الاتحاد بيان إدانة لو تعرضت لأي مضايقة أو مطاردة وكذلك لضمان صياغة بيان النعي عند وفاتي عملاً بالمثل الذي يردده أبناء مدينتي «خُذ من المطال حجر»