الحصار والعقوبات الاقتصادية هي من أساليب الحروب وسلاح من أسلحتها.. وهذا شيء طبيعي حين يكون الحصار، والعقوبات الاقتصادية لا تؤثر على الشعوب من الناحية الغذائية، والعقوبات الاقتصادية لا تؤثر على الشعوب من الناحية الغذائية والطبية، لكنها إذا مست الشعوب في غذائها ودوائها فإنها تصبح جرائم حرب ترتكب ضد الإنسانية.. ومثل هذه الأسلحة قد استخدمت كأسلحة منذ القدم بين الخصوم، والمتحاربين، كل يسعى من خلالها لتركيع الآخر، وهزيمته عن طريق التجويع، والمعاناة من الأمراض؛ بسبب عدم وجود الأدوية.. ويهدف الذي يقوم بالحصار والعقاب الاقتصادي إلى تحريض الشعوب للتمرد على أنظمتها وقادتها من الداخل، ويصبحون عوناً وسنداً للأعداء الذين يضربون الحصار من حولهم ويمنعون عنهم الغذاء والدواء بل ويقطعون معهم العلاقات التجارية، وفي مثل هذه الحالة ينهار النظام من الداخل، طبعاً مع الفارق بين الأنظمة القديمة والأنظمة الحديثة، أو بين الأنظمة السابقة لنشوء الدولة أو بعد ذلك حيث ظهرت الدولة وتطورت للوصول إلى شكلها ومضمونها الحديث، وتعالوا معي إلى أن نعود إلى السنوات الأولى من دعوة الرسول محمد «صلى الله عليه وسلم» حين حوصر وأصحابه في إحدى شعاب مكة، ومنعت قريش كل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التجارية معهم إلى أن سقط الحصار، وسقطت المقاطعة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية بفعل صبر وصمود المسلمين، وبفعل تدخل أفذاذ من المسلمين مثل حمزة بن عبدالمطلب، وخلص المسلمين وحررهم من الحصار والمقاطعة القرشية لتستمر مسيرة الدعوة الإسلامية بقوة وصلابة إلى أن ثبتت وانتشرت. هذا الأسلوب يستخدم اليوم من قبل الغرب الرأسمالي الصهيوني ضد الشعوب الغربية والإسلامية، وغيرها من شعوب العالم؛ بهدف تثويرها ضد أنظمتها الوطنية الرافضة للرضوخ والقبول بالمشاريع الأمريكية الصهيونية، وتشاركهم في ذلك دول أوروبا الغربية، حيث تقوم بفرض الحصار السياسي والاقتصادي والتجاري، ومنع الغذاء والدواء، ومستلزمات ومتطلبات الأطفال ضد العديد من البلدان، مثل ما تفعله اليوم مع سوريا، وقبلها مع العراق، والسودان وإيران وكوريا الشمالية وكوبا ومع ليبيا سابقاً.. ثم تتباكى على الأوضاع الإنسانية في هذه البلدان.. إنه تناقض غريب، ومدهش يمنعون الغذاء والدواء عن الشعوب ثم يتباكون عليها من الجوع والمرض، ويدعون العالم إلى إسقاط الأنظمة وتغييرها. إن العقوبات الانفرادية المتبعة من قبل الغرب الرأسمالي الصهيوني الأمريكي - الأوروبي يرتكبون بعقوباتهم وحصارهم الاقتصادي والتجاري ضد الدول التي ترفض مشاريعهم.. إنما هي جرائم ضد الإنسانية؛ كونها تمنع الغذاء والدواء على الشعوب وتقتلهم جوعاً ومرضاً، وما تباكيهم على تلك الشعوب سوى كذب ودجل، فهم من يقتلونها بالحصار، والعقوبات ثم يمشون في جنازتها. رابط المقال على الفيس بوك