نبتديها صفحة.. صفحة جديدة لليمن على طول اليمن سعيدة أليست هذه هي الأغنية التي غناها مجموعة هائلة من الممثلين والفنانين والمذيعين والمنشدين وتعرض أحياناً على قنواتنا، تفاصيل بين جلسات مؤتمر الحوار، لكن المؤسف أن المنظر الذي كنت أشاهده على صوت هذه الأغنية كان مختلفاً تماماً عن كلمات الأغنية. فحينها كان أهالي قرية دماج يصرخون ويستنجدون الدولة لتنقذهم، وكأن الدولة لا تدري بشيء، وكأنهم في كوكب غير كوكب اليمن، وكأن الدولة نائمة وفجأة استيقظت،؟ وكأنهم لا يعرفون أن هناك دولة ونظاماً وقانوناً، والدولة كذلك لا تعرف هذا، كم هو مؤلم ذلك المنظر، وتلك الوجوه التي ارتسم عليها الحزن والوجع والأسى، الذي ليته يتوقف في بلادنا على دماج ومن فيها، بل يمتد لكل شبر في اليمن الجديد. اليمن الذي قلنا إنه بعد الأزمة، وبعد الساحات والاعتصامات والأزمات والضحايا، وسيأتي يمن آخر، يمن لا تحكمه سلطة الشيخ، وعدد مرافقيه، وأملاكه ونفوذه وسطوته، لتحول الناس إلى مجرد عبيد، ولنعود لزمن الجاهلية الأولى، لكن للأسف تبخرت تلك الأحلام الوردية، وتحول اليمن بعد التعديل لمجرد مسرح للبلطجة، ونهب حقوق الناس، والتسلط والسرقة والوساطة والمحسوبية، وزاد الغني غنى، وازداد الفقير فقراً وجوعاً وحرماناً، وما يوجع أكثر أننا نشهد هذه الأحداث ولا نقوى على تغيير شيء، لا نقوى على سحق الظالم ورفع الظلم عن الفقراء والمستضعفين، بالعكس نجاري الوضع وربما نساهم فيه بطريقة أو بأخرى، لأننا ضعفاء أيضاً، ومخذولون ولا ظهر لنا، ومسلوبة حقوقنا نحن، ونريد من يساهم في رفع الظلم عنا أولاً، ونتحمل ونتألم فقط لنعيش.. فالفساد يعم كل شبر في كل مكان.. ففي المستشفيات الحكومية والخاصة أفظع، من لا يعرف أحداً لا يمكن أن يحصل على حقه المشروع له كمواطن كإنسان، مع وجود نخبة من الأطباء الأجلاء، الذين يطفشون ويبحثون عن عقود عمل خارج البلاد، مما يواجهونه من ظلم وفساد لا سيما أنهم ممن لا ظهر لهم، والزائر لأي مستشفى حكومي سيندهش ويتألم، والخاص الذي يظلم فيه الإنسان بفلوسه وعرقه ويعطي من الأدوية ما لا يخص حالاته، ومنهم من يبقوهم في غرف العناية وقد ماتوا، ولا يعلمون أهاليهم حتى يستمروا في الدفع، هذا فضلاً عن العمليات الوهمية والتشخيص الخطأ. وفي المدارس الحكومية والخاصة، بتخزينة لبعض المدرسين وهدايا لبعض المدرسات، ورشاوى للإدارة، تعطى شهادات لطلاب ينامون في منازلهم في آخر السنة، وعلى أساسها تعطى لهم منح دراسية، فمن يصدق أن هناك مسئولاً كان يعطي منحاً لأميات في قريته ويسافرن مع أزواجهن للدراسة في الهند، أما في المدارس الخاصة فعذاب المدرس لا ينتهي وسرقة عمره وعرقه وكفاحه، ثم طرده في أي وقت خارج سورهم لوجود بديل انتحاري في الانتظار، وفي...،وفي....،وفي... . ابتداءً بالوزارة وانتهاء بالقضايا والسلب والنهب، وهروب المستثمرين الذين يسرقون ومازالوا في الحدود، وقضايا الفساد، التي تزيد فساداً في الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وصولاً إلى مؤتمر الحوار الذي في النهاية بح صوت بن عمر، وظل طريقه، وهم يخزنون وبعد كل تصنيفة قات يفكرون بدستور جديد.. لكن لنا رب لن ينسانا، ولن يترك هذا الوطن قبل أو بعد التعديل، فهو يمهل ولا يهمل، وكل عام وأنتم واليمن الخير الذي لن ينتهي بإذن الله...