نحن قوم وصفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأننا أرق أفئدة وألين قلوباً، ورقيق القلب محب دوماً لا تعرف الكراهية إلى قلبه طريقاً، متصالح مع نفسه ومع من حوله، يعيش في أوساط الآخرين، فالإنسان مخلوق اجتماعي يولد بمفرده ويموت بمفرده لكنه لا يستطيع أن يحيا إلا مع الآخرين. أقول هذا الكلام وأنا أعيش حالة صدمة عنيفة لا أستطيع وصفها من الحالة المأساوية التي وصلنا إليها ومن حجم الكراهية التي تنتشر في أوصال هذا الشعب للحد الذي يصل إلى القتل والسلب وانتهاك الحرمات. ما جرى ويجري في صعدة ودماج أكبر دليل على هذه الحالة المقززة من العنف والبغض المنتشر بين أبناء الوطن الواحد والمنطقة الواحدة إلى الحد الذي توقفت فيه لغة الكلام والحوار لتحل محلها لغة القوة المنبثقة عن مخزون من الكراهية والبغض تجاه الآخر. حيث يبدو للعيان أن صناعة الكراهية التي تنتشر اليوم فيما بيننا ويعبّر عنها بتصرفات لا إنسانية تتعدّى حدود الخطابات العنيفة لتصل إلى حد القتل وسفك الدماء المحرّمة تحت شعارات دينية للأسف الشديد؛ وهو تناقض مقيت يشير إلى حالة من الغوغائية والافتئات على القيم الأساسية سواء للدين الذي نؤمن به جميعاً أم للمذاهب العقائدية التي ننتمي إليها والتي تحرّم كل هذه التجاوزات البغيظة. لن نختلف كثيراً عن غياب دور الدولة في الوقوف أمام هذه الظاهرة التي تفتك بالنسيج الاجتماعي لكنها في نفس الوقت لا تعطي مبرّراً أبداً لتأصيل ثقافة الكراهية بين اليمنيين وقتل بعضهم لبعض. وليس مقبولاً أن نترك لأصحاب هذه الخطابات المتطرّفة ولثقافة الحقد والكراهية أن تتمدّد فيما بيننا وتتوحّد على مبدأ الكراهية التي تسلبنا آدميتنا وتنسينا من حولنا وتخرجنا عن الصف الوطني بلغة مستهجنة قائمة على التخوين والتكفير وعدم القبول بالآخر وحتى لا ندفع مزيداً من الدماء وتصبح الكلمة في الأول والآخر لهؤلاء التافهين الذين لا يرون قيمة ولا معنى لحياتهم إلا بالبغض والكراهية للآخر. إننا في أمس الحاجة إلى تجديد واستشعار وصف الرسول صلى الله عليه وسلّم لليمن واليمنيين باللين والرقة من خلال إحياء القيم الوجدانية في نفوسنا جميعاً والحرص على التعايش مع الآخرين بأمن وسلام ومحبّة. يجب أن نحافظ على تلك العلاقات الحميمية التي جمعتنا لمئات السنين، وأن نلفظ هؤلاء المرضى أسيري فتاوي القتل والتنكيل، وعلى العقلاء هنا أن يتدخّلوا ويوقفوا هذا الانحدار الخطير في قيم وثقافة اليمنيين، والعمل على إعادة ثقافة التسامح والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، على الجميع أن يتحمّلوا مسؤولياتهم الوطنية والدينية والأخلاقية قبل ألا نجد أصابعاً نعض عليها من الندم. [email protected]