“الوحدوي” الصحيفة التي عرفتها منذ أكثر من عقد ونصف وهي تصل اليوم إلى محطة إطفاء “1000” شمعة “عدد” من رصيد مشوار عمرها الصحفي والمهني والنضالي في سياق التجربة السياسية لسان حال الحزب الوحدوي الناصري, آملاً أن تستعيد الوحدوي ما كانت عليه وجرت عليه وأن تحافظ على مستوى وأداء, ونجومية الفعل الصحفي والتأثير, وأن تعمل على تطوير أدائها باستمرار في مرحلة جديدة. عرفت الوحدوي في أواسط التسعينيات وكانت كما رأيت في ذروة أدائها المهني والصحفي في نوعيته وبخاصة لجهة الخبر والتحليل والكتابات النوعية الرؤى مثل قلم حسن العديني وسامي غالب, وأيضاً محمد الحاضري الذي كان يجنح في كتاباته إلى الفكر والسياسة وتحليل الظاهرة السياسية أيضا بإسقاطات مراحل وتعاقبات. كان قلم حسن العديني ممتلئاً وموعوداً بانتظار قراء ومتلقين كثر, من مختلف الأطياف, ولايزال حسن يترصد المعاني ليمرر موقفاً وإن بصورة غير مباشرة, حسن العديني إذ يحلل حدثاً أهم محلل في المنطقة, وبخاصة لجهة عمله بأفق التوازنات وتحولات وتقاطع المصالح والسياسات والتحالفات, حسن إرشيف من المعلومة والتاريخ وإرهاصات المراحل, ولا تلقاه إلا ويحدثك عن هيكل حتى اللحظة, شخص مثقف, وغزير حين تكتشف صداقاته. الوحدوي عرفت شخصيات كثيرة مرت عليها كالمخلافي وسامي غالب والخولاني وجمال عامر وطربوش وآخرين أيضاً محررين, رغبوا أن يجربوا تعب المهنة والسياسة وحماس الايديولوجيا والمجهود الحزبي, سامي غالب اليوم أراه أكثر تخففاً من تعبيرات مرحلة “الجعير القومي” لكنه وبدأب كعادته للتعدد والكتابة للفن ينهض في الموقف لصالح المظلوميات والناس وغيرة وحرصاً, وإن بدا ينفعل أحياناً في “التواصل الاجتماعي” لكن سامي هو يبقى رقماً في المهنية والصحافة اليمنية وهو صديق أثير, وأستاذ وصاحب جريدة “النداء” التي توقفت في أوج عطائها وتميزها وحوربت وحاصرتها عوامل عدة، غير ذلك كان جمال عامر ينهض بدوره في “الوحدوي” وحتى ما قبل أن يتحول إلى “الوسط” وما أدراك ما الوسط, المهم, كانت الوحدوي كصحيفة وأشدد هنا على “كانت” لأنها بالفعل كانت مدرسة في الصحافة الناصرية ومهنية تصعيد الرأي وتداولها وميزتها في المانشيتات أيضاً، وكانت الوحدوي مؤثرة كمدرسة كما قلت ورأيت وكتبت فيها من حين إلى آخر, وعاصرت كتابات, حتى الألفية, وما قبلها من التسعينيات في تلك الحقبة بخاصة وما أعقبها وحتى مرحلة “النبض المعارض” للناصري كحزب قبل أن يتصعد في شراكة السياسة في اللحظة الراهنة, كما بقيت الوحدوي نافذة لمظلوميات عدة في صورة تفاعلها مع المجتمع وقضاياه الوطنية شمالاً وجنوباً, وكصحيفة كانت عنواناً ونافذة أيضاً لمتدربين من الشباب الذين هم الآن يكتبون ويتبارون في المهنية والصحافة والاستمالات أيضاً, تخرج من مدرسة الوحدوي سامي غالب, ونايف حسان, وحمدي البكاري, ومحمود شرف الدين, وجمال حسن وعبدالقوي العديني, وآخرون، وللأمانة فقد كانت كتابات محمد الحاضري تمثل رواجاً للصحيفة في مرحلة بعينها هذا للإنصاف, وعدم الإجحاف أو غمط حق أصحاب التجارب, لأن محمد الحاضري مثقف تاريخي وهيجلي وصاحب موقف وتحليل الأحداث ومع قضايا الناس, وله صراعاته في الكتابة ومواقفه في نزال القلم, وهو من أبرز الكتاب الذي أنصفوا في مقارباتهم ولامسوا تجربة التصحيح في سياقات نضالات الشهيد المغدور إبراهيم محمد الحمدي, ولكن تم تهميشه, وأتوخى أن تعيد “الوحدوي” اليوم النظر في إشراك شباب الحزب ومواهبهم المختلفة وأن تعمل على تمكينهم في الرأي والكتابة وأفق النقد والاختلاف والثقافة والمعرفة, وأن تفسح مجالاً نوعياً لرؤى تعنى بالثقافة وليس مجرد صفحة أو صفحتين, العالم اليوم يتحدث ويتطور, لأن الوسائط اليوم في مجالات تأثيرها صارت تتنافس بالثانية وسحبت كثيراً التأثيرات من الورق. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك