كنا موحدين روحاً وجسداً منذ آمادٍ بعيدة ، وتوحدنا جغرافياً عام 1990م، ونتيجة لأخطاء أفراد أو جماعات معينة ، بعضهم من الشمال والبعض الآخر من الجنوب ، مارسوا جرائم وأخطاء بدافع من أهوائهم ومطامعهم واعتقادهم انهم اصبحوا يملكون الأرض ومن عليها ، والبعض منهم مارس تلك الجرائم انتقاماً من خصومهم وتصفية لحسابات سابقة ، وبدلا من أن تأتي ثورة الشباب لتصحح المسار الذي كنا ننشده جميعا ، اذا بنا نفاجأ بأن البعض استغل الحدث ليحرف الثورة عن مسارها وأهدافها. فأصبح البعض ينادي بفك الارتباط وهو مصطلح يعني الانفصال ولكن بلفظ مخفف ، والبعض يطالب بإقليمين وفقا للحدود القائمة قبل عام 90 م ، وكأن الوحدة هي سبب كل البلاوي ! وهي الطُّهْر المُفْتَرى عليه ، رغم ان المحافظات الجنوبية عانت مآس قبل الوحدة التي لا تقل عن المآسي التي عنتها بعدها بل أكثر من ذلك بكثير، ، والمصيبة اليوم ان الذين يتباكوا عن الجنوب أمثال محمد علي احمد هم أول من دمروه وظلم أبناءه ، والمعاناة والظلم شمل أيضاً أبناء المحافظات الشمالية الذين ربما تطبعوا معه واستحملوه عقوداً من الزمن. اليوم نسمع مجموعة8+8 يعبثون بمصير الوطن شمالا وجنوبا ، تارة يتحاورون حول فك الارتباط وتارة أخرى حول الأقاليم ، ثم يعودون إلى القول إقليمين لا ثالث لهما ، وفجأة يطلق بن عمر مبادرة غامضة لا يمكن لاحد فك طلاسيمها سواه، ظاهرها الحرص على حل الأشكال بين المختلفين ، وباطنها أخشى ان يكون في طيها الكارثة للوطن كله وتكون المسمار الأخير في نعشه، والشعب بأجمعه مغيب عن كل ما يدور وكأن مصير الوطن لا يعنيه ، وكأن المتحاورين يناقشون مصير جزر واق الواق وليس مصير وطنهم اليمن. مع احترامي وتقديري للجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها المبعوث الأممي جمال بن عمر ولكن في النهاية هو ينطلق من مبدأ السياسة فن الممكن ، ويهمه ان ينجح في مهمته بأية كيفية كانت ، ولن يكون اكثر حرصا على اليمن من اليمنيين ، وكما يقال لن يكون ملكيا أكثر من الملك. أين دور السواد الأعظم من أبناء الشعب اليمني لماذا هذا الصمت الرهيب القاتل ، وجزارو الأوطان ادخلوا وطنهم في غرفة مغلقة لتقطيعه أوصالاً ، فهل ستتجلى الحكمة اليمانية في اللحظات الأخيرة أم انه قد غلبت علينا شقوتنا وأصبحنا قوما ضالين.. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واحفظ بلادنا من كل أفاكٍ أثيم.