لقد أشرت في أكثر من موضوع إلى أن أهمية الالتزام بالعهود والمواثيق ومن ذلك المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة, وقلنا: إن الخروج عن مسارها لايقود إلا إلى المزيد من المشكلات, ورغم أن الانحرافات التي حدثت في مؤتمر الحوار الوطني قد أخرجته عن مساره الصحيح وعرّضت الوطن لخطر المشكلات الجديدة, إلا أن رهان الإيمان والحكمة كان أقوى من الرهانات التي سلكت طرقاً لاصلة لها بالدين والوطن والإنسان, وكان لرهان الإيمان والحكمة حضوره الدائم في حياة اليمنيين الذين اعتصموا بحبل الله المتين, وكان من نتائجه الإعلان الرئاسي الذي حدد المبادئ الأربعة التي تحكم مخرجات الحوار الوطني وتمنع التجاوزات أياً كانت, الأمر الذي أشاع الطمأنينة في أوساط الناس في الداخل والخارج ونزع فتيل الفتنة التي كادت تشعل نيرانها وثيقة التشظي. إن التفكير العملي ينبغي أن ينصب في اتجاه التركيز على المبادئ الأربعة التي تحكم مخرجات الحوار الوطني باعتبارها المرجعية العليا لأية وثيقة تصدر عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل, فأي مساس بالوحدة اليمنية وسلامة السيادة المطلقة للجمهورية اليمنية على كافة مكوناتها الجغرافية والبشرية يعد مرفوضاً ولايكتسب الشرعية الشعبية والسياسية على الإطلاق, وهو مربط الفرس الذي ينبغي حمايته وتجريم أية ادعاءات أو محاولات انفصالية, حيث ينبغي النص القطعي الدلالة في الدستور من أجل حماية وحدة اليمن وأمنه واستقراره, وعندما يخرج الدستور بنصوص تجرّم المساس بوحدة اليمن وتعطي السلطة المركزية الحق المطلق في حماية الوحدة ومنع الانفصال بكل الوسائل فإن ذلك من الضمانات الأكثر حماية لمستقبل أجيال اليمن. إن الإصرار على تحصين الوحدة اليمنية وتجريم المساس بها بات من الواجبات العينية التي ينبغي على الكافة القيام بها دونما تخاذل أو تواكل أو تكاسل على الإطلاق, باعتباره فرض عين لايكفي قيام البعض به دون البعض الآخر, لأن القيام بحماية الوحدة حماية للدين والإنسانية وصون للكرامة الآدمية وتعزيز للتعايش الاجتماعي، التزام بأوامر الله في قوله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا» صدق الله العظيم, وهو عنوان الخير والسلام وطريق التسامح والتصالح وبوابة النهوض التنموي الشامل الذي ينتظره اليمنيون كافة, ومن أجل ذلك ينبغي أن تكرس الجهود لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني في ضوء المبادئ الأربعة الحافظة والمانعة والجامعة بإذن الله.