رغم انخفاض أسعار عدد من السلع الضرورية على المستوى العالمي، بين الحين والآخر، إلا أن حالة الطمع والجشع لا تزال تسيطر على أذهان عدد كبير من تجار الجملة والتجزئة ، وذلك دليل على عمى القلوب وموت الضمائر وسوء التقدير .. فلا يزال أولئك مستمرين في ممارسة لعبة غلاء أسعار العديد من السلع الضرورية وغير الضرورية التي يحتاجها كافة أبناء الشعب الغني منهم والفقير .. وتبعاً لذلك فقد استشرت حالة الجشع والهلع على استغلال وابتزاز المواطنين أياً كانت أحوالهم، وانتقلت عدوى هذا الوباء إلى عيادات الأطباء التي كانت الملاذ لكل عليل ولكل مستجير .. حيث حلقت أرواح تجار الطمع والجشع فوق أصحاب العيادات فأصابتهم بذلك الداء والشر المستطير .. فرفع معظمهم أجور الكشف الطبي وبالأخص المعروفين منهم في الأوساط الشعبية الذين استغلوا ثقة المغلوبين على أمرهم والمضطرين من الناس واستغلوا إقبالهم على تلك العيادات دون تفكير .. فأين الصفات الطيبة والقيم الإنسانية السامية، وأين الرحمة لدى ملائكة الرحمة في الأرض، ألا يكفي معاناة عباد الله وصعوبة مواجهتهم لأعباء المعيشة حيث لا مجال للتدبير..؟! وهل من الرحمة المبالغة في أجور الكشف ثم في أجور التحاليل أو الأشعة التي تجرى أحياناً دون الحاجة إليها، بل لمجرد استغلال من لا اختيار لهم سوى تلبية رغبة الأطباء بكل رضا وتوقير ..؟! بحيث يستنفع معمل التحاليل وقسم الأشعة مادياً من وراء كل عليل ، إضافة إلى الثمن الباهظ للقائمة الطويلة للأدوية ، وكل تلك الأعباء المالية بالطبع تقصم ظهر المريض وتضاعف آلامه وهمه العسير.. فيا أطباء اليمن الميمون رفقاً بإخوانكم وأبناء وطنكم من المرضى فأنتم ملائكة الرحمة ، ويكفي ما يعانونه من آلام المرض ، وسوء الأحوال المعيشية والأمنية ، وفي كل الأحوال الجميع ينتظرون منكم كل خير .. فلا تضاعفوا معاناتهم المعيشية أثابكم الله بمضاعفة أجور الكشف والتحاليل والأشعة وتكاليف الأدوية، وأحياناً تكاليف المستشفيات والعمليات وغيرها مما تتضمنه التقارير ..هذا إذا لم يسوء الحال ويضطر المريض للسفر إلى الخارج لمعالجة ما أفسده عبث بعض محدودي الخبرة وذوي الأخطاء الطبية الشنيعة، والمتاجرين بأرواح البشر من دعاة الاستغلال عديمي الضمائر وهذا الأمر خطير .. وهنا لابد أن نتساءل هل توجد ضوابط ومعايير في شأن تحديد أجور الكشف لدى الأطباء بمختلف تخصصاتهم ، وكذلك أجور التحاليل والأشعة بمختلف أنواعها وكل ما يتطلب التسعير ..؟ وهل هناك تصنيف لمستويات الأطباء بمعنى هل ثمة فارق بين الطبيب الاستشاري والطبيب العام في تحديد أجر الكشف وفق تلك المعايير..؟ وهل لوزارة الصحة دور في ضبط هذا الأمر حماية للمواطن من استغلال بعض الجشعين الذين يتخذون من مهنة الطب وسيلة للتجارة غير الشريفة دون وازع من ضمير..؟! وقبل هذا وذاك هل هناك شروط لمنح تراخيص فتح العيادات ، وما هو المستوى العلمي الذي يؤهل الطبيب للحصول على ترخيص فتح عيادة دون توقع حدوث أية أخطاء طبية أو تقصير ..؟ وهل تطبق حالياً تلك الشروط ، ثم هل تنطبق بالفعل الشروط المجهولة على عيادات الأطباء المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية أم أن هناك تيسير وتمرير..؟ ويظل الأمل الوحيد لتخفيف معاناة المواطن الفقير ومحدود الدخل هو شعور الأطباء والمسئولين المعنيين بوزارة الصحة بمعاناة هذا المواطن الضرير .. وما يتكبده من أعباء لمواجهة تكاليف أجور الأطباء ومنظومة العلاج والأسعار المرتفعة للأدوية، بغض النظر عن جودتها ومطابقتها للمواصفات العلمية المطلوبة إلى جانب أعباء المعيشة التي أصبحت أكثر من صعبة على الغفير والمدير وتنذر بسوء المصير.. ونتمنى من الله تعالى أن يتحقق هذا الأمل دون تسويف، انطلاقاً من التمسك بالمبادئ والقيم الأخلاقية والمثل العليا ، والعمل بما دعانا إليه الدين من المحبة والتراحم فيما بيننا طاعة لله العلي القدير .. واعتماداً على المشاعر الإنسانية والوطنية الصادقة نحو أبناء الوطن الكبير منهم والصغير .. وحفظ الله اليمن الميمون الذي وصف الرسول الأكرم عليه الصلاة والتسليم أبناءه برقة الأفئدة ولين القلوب، راجين من الخالق العظيم الرحمن الرحيم أنه ما يزال الإيمان يمان والحكمة يمانية.. وتلك هي القضية. [email protected]