إن مستقبل الجماعات الدينية يتشكل في الصراع الطائفي والراديكالي، وعليه نرى هذا التقارب بين ما يحدث في العراقوسوريا، وما يحاول أن يتشكل في اليمن. ليس فقط من الصراع الحوثي- السلفي، والذي يغذي تواجده من صراع مذهبي كبير يمكن أن يشمل كل المنطقة، أي الصراع السني- الشيعي. لكن كيف حاولت هذه الراديكالية الدينية أن تهيمن على الواقع العربي والاسلامي. فهذه الراديكالية الاسلامية بدأت تحاول وراثة العداء للامبريالية الامريكية، وهذا لا يقتصر فقط على شعارات تدّعي أنها تواجه “أمريكا أو إسرائيل” وأنها الجدار المقاوم للأمة. بل أنها كذلك تقوقعت في غلاف التشدد والطارد لبعد عالمي كان يجمع عناصر شعوب العالم الفقير بمختلف أعراقه وأديانه. وهكذا تمكنت قوى الغرب المهيمنة على تقسيم القضايا وحصرها في زوايا ضيقة، واحتوت ظهور ثورات اسلامية كما يحدث مع ايران ومع صعود الجهاد الافغاني المتمثل في تنظيم القاعدة. مع ذلك سنعود لقضية أساسية، وهي مصطلح الشرق الاوسط الجديد. يتضح من زمن ظهور هذا المصطلح، أي بعد دخول القوات الامريكية إلى العراق، إنه شرق أوسط طائفي بامتياز. في العراق، على حساب الجيش الوطني العراقي، تم تأسيس ميليشيات طائفية. فالتحول الاستبدادي في الشكل الديني يضيق مقارنة بالاستبداد المتغطرس لحاكم مستبد، كما هو في حال صدام حسين. فمثلاً قيام دولة دينية في العراق أو اسلامية، على أي أساس ستكون، هل ستكون سنية أم شيعية، ويبدأ التفتت المذهبي. وهذا ما يحدث تداعياته في الصراع مع ميليشيات سنية. حتى إن المعارضة ضد المالكي في العراق تتخذ موقفا طائفيا وليس وطنيا. وهذا كذلك يجر نفسه على مؤيدي المالكي على حساب مواطنتهم يتم تأييده لأنه من طائفتهم، بينما الخاسر الكبير هو العراق. في اليمن كنا نتساءل عندما طرح البعض دولة الخلافة، ما هي هذه دولة الخلافة؟ على أي أساس ستكون. من ذلك الشعار غير الوطني، مع أن الاسلام مفهوم اوسع من الوطن، إلا أنه في شكل الحكم، يكون أضيق، لأنه سيتم تقسيم البلد إلى تشظٍ مذهبي. والخوف من تداعيات الشرق الاوسط الجديد، أن تنعكس على يمن طائفي. تظهر المعارك الذي يشنها الحوثي بمخاطر كبيرة، فالخوف الذي يتبدى لي أن يتم السماح بظهور دويلة زيدية في الشمال، وإمارات إسلامية في مناطق مختلفة من اليمن في الجنوب. هذا الخوف في حال تداعيات تسقط فيها الدولة اليمنية وتتداعى لمصلحة الميليشيات الدينية. والسؤال هل نستطيع أن ننأى بأوطاننا خارج هذا التوحش الراديكالي. إن خروج اليمن أو تشكّلها في معمعات المعارك الصغيرة، التي تتبناها أطراف طائفية أو مذهبية، ستقضي عليه. فأزمة دماج هل انتهت بمجرد خروج السلفيين من صعدة؟ من الغباء أن يظن الحوثي ذلك. لكن هل رؤية الحوثي السياسية تتشكل في التصعيد المذهبي؟ أي أن تواجده محكوم بهذا الصراع المتغذي من وجود طرف راديكالي آخر، ومنه يتعزز حضوره، سواء في شكله الحربي وميليشياته، أو في شعاراته التي لا يمكن ان تكون إلا وجها آخر للسلفية. لكن أين تقع اليمن من كل ذلك؟ حتى من أولئك الجالسين في شرفة الواقع السياسي اليمني. إن كل اشكالية هي من ضمور المشروع الوطني. والسؤال إن كان اليمن ينتظرها مستقبل طائفي، يجب أن نستوعب خطر ذلك، وأن نتعلم مما حدث في العراق، أو سوريا، هذا قد يجعلنا نتجاوز خطر الانزلاق في الرعب الطائفي. رابط المقال على الفيس بوك