التأكيد المستمر على أهمية كسب الثقة لايعني الميل والشفقة على طرف من أطراف الحياة السياسية على الإطلاق, بل من أجل إحداث التوازن ومنع الانحراف الذي يحدث نتيجة للغرور الذي تصاب به بعض القوى السياسية التي لاتمتلك رؤية واضحة في مجال فن السياسة, ولاتستطيع أن تدرك أبعاد ذلك الغرور إلا بعد أن تقع الفأس على الرأس, ومن أجل ذلك نرى ضرورة التأكيد الدائم والمستمر على أهمية كسب الثقة، لخلق روح التفاهم والتصالح والتسامح. إن القوى السياسية المشحونة بعشق السلطة لم تدرك أهمية الشراكة في الحياة السياسية ومازالت تغط في سبات عميق, ولن تستيقظ من ذلك السبات الطويل إلا بعد تحكم عناصرها الفاجرة وغير المجربة للأمور ،فتعود الأمور نحو الهاوية, وعندها فقط ستستيقظ تلك القوى وتدرك أهمية إحداث التوازن لمنع الانحراف بمسار الوفاق والشراكة, وقد تصل إلى درجة الندم عندما لاينفع حينها. إن التضحية من أجل الاستقرار وخلق الشراكة الحقيقية لم تعد ضرورة خاصة بتلك القوى «المهنجمة» غير القادرة على إدراك أسلوب فن الممكن في الحياة السياسية, بل باتت اليوم ضرورة عامة في ظل الوفاق السياسي الذي تجاوز آليات المشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة واعتمد على مراكز القوى التي لاتؤمن بمبادئ الديمقراطية وترغب في احتكار كل شيء في خاصتها ومن والاها دون غيرهم من أبناء الشعب. إن التفكير في خاصة الخاصة واستبعاد العقول المستنيرة في مرحلة الوفاق الوطني يعطي مؤشراً على الانتهازية وعدم الإقلاع عن التهميش والإقصاء والرغبة في الممارسات المسيئة التي عانى منها الكثيرون, وينبغي على القوى السياسية المهيمنة على الوفاق السياسي المرحلي أن تدرك بأن انتهاج ذلك الأسلوب سينعكس عليها سلباً ولن يحقق مفهوم الوفاق على الإطلاق, ولذلك ندعو إلى الشراكة الحقيقية دون استثناء, لأن الوطن ملك الجميع وبحاجة إلى الجميع من أجل مستقبل متطوّر وعادل بإذن الله.