النزاهة الأخلاقية والمسؤولية الملهمة والشجاعة الموضوعية، هذا كل ما يحتاجه كل كاتب أو صحافي لكي يستحق أن يحظى بزاوية في أية صحيفة كانت سواء حكومية أم غيرها وبمختلف أنواعها المطبوعة أو الإلكترونية؛ هذه المقدّمة قد تقود إلى انتقادات عديدة؛ أول هذه الانتقادات أن الصحف لا تضع أي معايير للنشر، أسمع كثيراً مثل هذه الانتقادات بأن هناك كتابات كثيرة تتجه صوب قضايا شخصية لا تخدم الواقع بشيء سواء بإيصال رسائل معيّنة حسب التوجُّه الشخصي للكاتب لا علاقة لها بأي هموم اجتماعية أو سياسية أو ثقافية أو حتى إنسانية وليس كل هذه الكتابات مدعى أو محط أنظار للانتقاد، فبعض الكتابات وإن كانت بعيدة عن المسؤولية الاجتماعية أو الوطنية إلا أنها لم تضر بأحد. فأولاً وأخيراً الكاتب إنسان وليس ملاكاً أمامه مغريات كثيرة؛ إن ابتسم له حبره فهذا لا يعني أنه مجرد من أخلاقيات المهنة أو أنه بائع لضميره وقلمه، فالمجاملات والعلاقات الإنسانية محيطة بالمجتمع وتؤثّر أحياناً على القناعات التي تنصب بسطور الكاتب من مدح وثناء؛ ولكن المشكلة الحقيقية هي عندما يكتب الكاتب المقال من أجل المغريات فقط بعيداً عن قناعاته؛ هنا يتحوّل إلى «بائع» بالرغم من أني أكره هذا المصطلح لأني أشعر أن الكتابة شيء معنوي لا يجب أن نستخدم لها مثل هذه المسمّيات المادية، وإن كان البعض قد حوّلها إلى تجارة لا تقبل سوى الربح، والمشتري من يدفع أكثر، ولكن هذا ليس مبرّراً لأن تكون نظرتنا قاصرة، فالأقلام قناعات وليست كل القناعات قابلة للبيع والمقايضة. أقول هذا الكلام وأنا مصرّة عليه حتى في ظل الواقع المسلّم به الذي أبرز نماذج لأقلام كانت شامخة بقناعاتها؛ فجأة تحوّلت إلى أقلام مسيّرة وتابعة ويُملأ حبرها بأفكار الآخرين، فالفتنة السياسية حاربت المهنية والنزاهة بكل ما أوتيت من نفوذ في كل مؤسسة وفي كل مُنشأة، فأصبح الفساد هو العنوان البارز إن لم يكن بشكل مباشر فيكون بتلميع يقود إلى نفس النتيجة. لننصف بالقول ونقول: إن الصحافة هي الأخرى أخذت نصيبها من هذا الواقع وربما نصيب الأسد، فأصبحت بعض الكتابات حسب توجُّه من يُكتب له وليست حسب قناعة الكاتب، وهذا التوجُّه الخاطئ الذي يجب ألا يقودنا لنظلم المحافظين على نزاهتهم ومبادئهم المهنية، فلنكن منصفين الحكم حين نتذكّر أنه لا توجد استقلالية وحيادية في بلد تعصده الأحزاب وتعجنه الطائفية. بقايا حبر: يلملمون أنفاس تذمري من أرصفه الوجع باقة أماني منثورة على عرش صُنع من تناهيد الفتن يتوّج بها وطن الفقر التشرد الجهل المِحن..!. [email protected]