هل قدّر للشعوب العربية أن تختار حكامها بناءً على تزكية ورضا المصالح الخارجية سواء كان عربيًا أو دولياً؟، هل لو قررت أن تعيش مثل شعوب العالم دون أن تسيل الدماء.. عليها أن ترزح تحت بيادات العسكر وسلاسل المجنزرات. الثمن الباهظ للحرية لازال مرتبطاً بمصالح الدول الكبرى والتي لا تؤمن إلا بديمقراطية تؤمّن مصالحها الاقتصادية ونهجها في العولمة والسيطرة المتعددة على العالم. العالم الديمقراطي تراجع عن وعوده بدعم حرية الشعوب وتمكينها من اختيار ممثلين لها كما في الدول الأوربية، كما كان يقول عبر وكلائه ومنظمات المجتمع المدني التي تقتات على موائده. يبدو أن الديمقراطية ستظل حكراً على تلك الدول أسوة بمختلف تقنيات العصر من علوم وتجارب معارف وخيارات الشعوب لا قيمة لها, تتلاشى إذا تعارضت مع مصالح العالم الآخر, وإلا فإن للديمقراطية تعريفات متعددة، تتمدد حسب الأوضاع في كل بلد. الشعوب فقدت الأمل بوجود من سيصل ليحقق لها مكانتها طالما القوة ورغبة القوى المؤثرة الخارجية مرتبطة بطرف دون آخر. بذلت الكثير من أجل الحرية التي سرعان ما تلاشت في انتخابات مصر الأخيرة قامت حركة الإخوان بالتنازلات الكثيرة، ظلت السفارة الإسرائيلية والعلم الإسرائيلي يرفرف فوق القاهرة، واتفاقية كامب ديفيد.. ومع ذلك لم يكن بوسع الآخر تقبّل أن يخرج مرسي عن الأدوار المحددة سلفاً.. تضامنه مع أطفال غزة واتجاهه لتعمير بلده قلب عليه المنتفعين الذين غابت مصالحهم فترة السنة كانت «حقب» بالنسب لمعارضة، وفي نفس الوقت أعطي للرئيس المؤقت فترة سنة لإجراء انتخابات، هنا تمدد الزمن، كما أن المصالح الدولية هي الديمقراطية أم النتائج أبو99كانت خاصة بالمرحلة السابقة؟. لم تتقبل المعارضة التي كانت تحكم أن يأتي التيار الإسلامي إلى السلطة ولم يعد الأمر خلافاً سياسياً بل شنت حرباً أقرب ما كانت غير نظيفة، منشتات الصحف المعارضة خرجت بكثيرعن أصول وأخلاقيات الوجود الإنساني فما بالكم بالمهنية الصحفية، واحترام الذات لم يكن سهلاً أن تصدر صحيفة معارضة معنونة بمنشيت كبير وتقول بعد أيام من إعلان فوز الرئيس مرسي بعبارة:«زمن الكلاب»، واستمرت في الصدور, هل هناك مسبة واضحة أكبر في الوقت الذي لم يجف «ريق» من تلا بيان إزاحة مرسي إلا وقد أغلقت قنوات التيار الإسلامي كاملة. كانت في كثير من العبارات مكنون رفض لوجود التيار يوحي أن من دخل في حلف المعارضة لا يمتلك أدنى مقومات التعامل الإنساني وتقبل المخالف هل هو الاختلاف الإيدلوجي يصل بنتيجته إلى تلك المرحلة لم تكن جماعة الإخوان سوى جماعة لها رصيد شعبي تمتلك رؤيا إسلامية، وهذه هي خيارات الشعوب، العودة إلى الدين والإيمان، عانت الحرمان في عهود كان ارتياد المسجد فيها شبهة ولبس الحجاب تهمة. المسلم والذي تتصدر الدساتير فيه أن دين الدول هو الإسلام حورب في عقر داره، انتقلت بلدان كثيرة وسمح للإسلاميين هل لكونهم يحملون فكراً ومنهجاً دينياً أم لأن المصالح الخارجية لا تتوافق مع المصلحة الوطنية؟. الدول الكبرى عادت للوراء بوكلاء محليين لغطاء الاستعمار وسمعنا كثيراً عن زعماء القرن العشرين والذين مدوا أيدهم للاستعمار، وكانوا الوكلاء لتمزيق الوطن العربي دويلات بمباركة اتفاقية سايكس بيكو ونحن على مقاعد الدراسة، كما استغربنا أن يكون زعيماً ويمد يده إلى العدو ويوجه السلاح إلى صدر أخيه، ضاعت فلسطين بفعل مؤامرة الداخل قبل الخارج وضاعت العراق وسوريا. الاستعمار رحل بجنده لكنه أوجد جنوداً عاشت الشعوب فترة كما كانوا يسمونها خراف الحكام تسبّح بحمده ليل نهار، وظلت تنتظر السمن والعسل الذي سيأتي بعد التطبيع والسلام وطال انتظارها، وتردت أحوالها، دول كانت داخلة في مربع الطاعة الكاملة لمصالح الدول الكبرى، ولم تحقق ما انتظرته الشعوب مقابل العبودية، ماالذي حققته مصر طوال فترة التطبيع والسلام وكونها تحولت إلى حارس أمين لإسرائيل، لخنق المقاومة. ماالذي حققته دول الخليج بثرواتها الكبيرة غير بنايات إسمنتية يبنيها أقل مقاول في اليمن لو توفرت له المادة، ماهي القفزات الاقتصادية في الصناعة والبرمجيات والتقنيات والتي فاقتها دول تعتبر مواردها شحيحة؟، الهند حققت نمواً هائلاً في الدخل والاقتصاد والصناعة والتعليم، وكوريا وحتى أندونيسيا. لم تجد الشعوب فارقاً بين مرارة كأس العبودية والجوع الذي حاصرها، فقامت بالرفض وثورة الربيع التي أطاحت بوكلاء مصالح الدول الكبرى فغادرت للحرية، ولكن سرعان ما لملم «فريق المصالح» أشلاء المفاجأة ودخل لحرف مسار الثورات وصبّها في اتجاه العودة للمربع السابق، التبعية تحت مسميات عديدة، لكن الشعوب لن تعود للحظيرة، وستقول كلمتها الموحدة: الحرية أو الطوفان.