يرى بعض المحللين السياسيين أن العناد الذي تصرّ عليه بعض القوى السياسية لا يقدم دليلاً واحداً على الرشد السياسي، بل يرى البعض الآخر من المحللين السياسيين أن إصرار تلك القوى على خلق بؤر توتر وتأزيم الحياة السياسية يعطي مؤشراً عملياً على صدق التنبؤات التي حذرتُ منذ أمد بعيد بأن هذه القوى لا تؤمن بالديمقراطية ولا تعترف بحق الشعب في امتلاك السطلة وممارستها من خلال الانتخابات العامة بل وتجعل الكثيرين من المهتمين بالديمقراطية اليمنية يعمدون إلى مراجعة قراراتهم المتعلقة بتلك القوى التي اعتقد البعض منهم أنها ترغب في الديمقراطية. إن التحذيرات العديدة التي أطلقها المفكرون السياسيون والدستوريون المتعلقة ببعض القوى الانتهازية كانت في السابق محل إهمال وتجاهل وتصنيف متحيّز وغير موضوعي، أما اليوم وبعد أن قدمت القوى الرافضة للديمقراطية وغير المؤمنة بآلياتها ومبادئها فقد بدأت القرارات تعاد من جديد لمعرفة الخطر الذي تمارسه القوى المصابة بالأنانية وحب السيطرة والاحتكار المطلق الذي لا يسمح للآخر بحق الحياة السياسية، الأمر الذي يجعل الكافة تقف أمام هذا الصلف الذي لم يسبق له مثيل في الحياة السياسية المستنيرة التي يسعى السواد الأعظم فيها من المكونات السياسية إلى الوصول إلى حق الشعب في الاختيار الحر. إن التصنيفات غير العلمية مازالت منهج حياة القوى الرافضة للديمقراطية ومدرستها المقدسة التي لا تقبل بغيرها بديلاً، بل أصبحت افكار هذه المدرسة محاطة بهالة من القداسة المزعومة التي لا صلة لها بالإسلام الحنيف ولا تعبّر إلا عن انتهاج الغاية تبرر الوسيلة وهو في حقيقة أمره منهج لا يحقق أدنى قدر من القبول الشعبي. إن القيادات الفكرية والسياسية والعلمية وأصحاب الحكمة والعقلانية مطالبون اليوم بوضع حد حازم يمنع السير في اتجاه تدمير الوطن ومقدراته ويدفع باتجاه المضي العاجل في استكمال مسار التسوية السياسية من أجل الوصول إلى حق الشعب في الاختيار الحر الذي يجسّد الإرادة الجماهيرية بإذن الله.