لم يكن الصلف والتصلب في المواقف إلا علامة واضحة من علامات رفض التعايش السلمي وعدم القبول بالرأي الآخر, ودليلاً أكيداً على وجود فكر منحرف لايحترم الإرادة الكلية للشعب, ولايؤمن بحق المشاركة الشعبية السياسية في صنع الحياة, ومثل هذا الاتجاه هو الذي يقود إلى تأزيم الحياة وصنع الأزمات, لأن مثل هذا الصلف والتصلب قد وصل إلى درجة من الفجور وعدم القبول بالآخر أو الاعتراف بالقيم والمثل الدينية والوطنية والإنسانية, وأصبح لايعرف إلا رأيه ولايرى إلا نفسه. إن الأزمة السياسية الراهنة نتاج لذلك الصلف والتصلب, وعدم القبول بالرأي الآخر, وعدم احترام الإرادة الشعبية, وأن القوى السياسية المتصلبة داخل تكتل اللقاء المشترك لم تعد تقبل بالمشاركة السياسية الشعبية ولاتعترف إلا بمن يكون معها في رفض الديمقراطية ورفض التعايش السلمي, ولاتقبل إلا بمن يحقق لها الانقلاب على الشرعية الدستورية, وأن ماكانت تدعيه من التعددية السياسية القائمة على الممارسة الديمقراطية الشوروية لم يعد مقبولاً لديها, ولم يكن إلا مجرد شعار حاولت تلك القوى الانقلابية استقطاب الجماهير به فقط. إن الممارسات العدوانية ضد الإرادة الشعبية لم يكن أمراً جديداً داخل تكتل اللقاء المشترك, بل كان أمراً مفضوحاً من خلال ممارسات قوى تقليدية داخل ذلك التكتل ترفض حق الشعب في امتلاك السلطة من خلال حقه في اختيار حكامه وممثليه في مؤسسات الدولة, لأن هذه القوى لاتعترف بقدرات الشعب بمقدار ماترى أنها الوحيدة القادرة على السيطرة واستعباد الناس وعدم القبول بآرائهم ومشاركاتهم في الحياة السياسية. إن الواجب الديني والوطني والإنساني يحتم على القوى الخيرة والمستنيرة داخل تكتل اللقاء المشترك أن تتجه نحو الحوار الوطني الذي يحقق السلم الاجتماعي والتداول السلمي للسلطة, وعلى تلك القوى المستنيرة أن تضع حداً لصلف وتصلب عناصر الحقد المشترك من أجل الوطن وأمنه واستقراره ووحدته, لأن ماحدث من الخراب والدمار والانهيار الأخلاقي لم يعد الشعب قادراً على احتماله, نأمل الاستجابة بإذن الله.