دولتان في عالمنا المعاصر تمارسان جرائم القتل السياسي للخصوم بكل وقاحة وجُرأة على التنفيذ والمجاهرة به والإسراف في تكراره، هاتان الدولتان هما «الولاياتالمتحدةالأمريكية والكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة». فإذا كان الكيان الصهيوني لا يتورّع عن فعل ذلك منذ قيامه؛ فإن الولاياتالمتحدة مارسته سرّاً في غالب جرائم القتل التي اقترفتها في حقبة الحرب الباردة، ثم جاهرت به بعدها حتى أصبح سياسة يومية لها في بلدان العالم. في 15 ابريل 1985م قامت 72 طائرة من سلاح الجو الأمريكي والبريطاني وبتسهيل فرنسي بغارات على مدينتي طرابلس وبنغازي في ليبيا بهدف قتل قائد ثورة الفاتح العقيد معمر القذافي، وكانت هذه الدول قبل ذلك قد نفّذت سرّاً عمليات اغتيال لثوار أفريقيا؛ فاغتالت باتريس لومومبا، وفشلت بعض محاولاتها لاغتيال الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وأحمد بن بلا والعقيد معمر القذافي. تمكنت حكومات الكيان الصهيوني من اغتيال قادة الثورة الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، فاغتالت كوكبة من هؤلاء القادة في بيروت وتونس ومالطا وعواصم أوروبية أخرى وكذلك في فلسطينالمحتلة؛ بل شنّت حروباً عدوانية بذريعة حقها في الدفاع عن النفس في لبنان وسوريا والعراق والسودان كما في قطاع غزة والضفة الغربية، لم تتورّع فيها عن قتل الأبرياء وتدمير العمران والمنشآت مستخدمة أسلحة محرّمة دولياً وأسلحة أخرى أوسع دماراً وأشد فتكاً وخراباً. انتهكت الولاياتالمتحدةالأمريكية مواثيق واتفاقيات الأسرى الدولية بعد تمكنها من احتلال العراق وقتل قياداته وأسر البقية حين أقدمت على محاكمة الرئيس صدام حسين وعدد من رفاقه في القيادة بعد أسرهم وحكمت عليهم بالإعدام؛ لكنها قتلت دون محاكمة نجلي الرئيس العراقي وقيادات عراقية أخرى. وفي العدوان الأطلسي على ليبيا نفّذ الطيران الحربي عمليات قتل استهدفت القذافي؛ لكنها قتلت بعضاً من أفراد أسرته حتى تمكّنت القوات الخاصة الفرنسية من أسر القذافي وأحد أبنائه وسلمتهما إلى أتباعها الليبيين الذين نفّذوا نيابة عنها جريمة قتل الشهيدين بمباركة أطلسية. في الوقت الراهن ومنذ سنوات عدّة تستمر الطائرات الأمريكية "دون طيار" في قتل من تتهمهم واشنطن بالإرهاب في أفغانستان وباكستان والصومال وأقطار أخرى، وهذه جرائم ضد الإنسانية وضد القانون والأعراف تقترفها دول متمرّدة بقوتها على القانون وسلطان العدل. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك