أن تغير فضائية "الجزيرة" في قطر مهمتها من فضائية إعلامية تنقل لمشاهديها المعلومات عن الوقائع والأحداث إلى منبر تعبوي يصنع الحدث ويحدد اتجاه حركته، فهذا شأنها وأمر يخص مالك هذه القناة وممولها. لكن أن يستهدف هذا التغيير العقل العربي بالتدمير والتضليل فهذا أمر من حق الأمة أن تتصدى له وتواجهه بكل ما لديها من قوة، باعتباره جزءاً من المواجهة المفروضة على العروبة وأمتها للحفاظ على حقها القومي في الوجود والمصير. إن إصرار "الجزيرة" القطرية على إقناع الرأي العام العربي بأن عدوانية الحلف الأطلسي على الجماهيرية العربية الليبية هو عمل ثوري يستهدف تحرير هذا القطر وشعبه من الاستبداد ومنحه ما يريده من حرية وديمقراطية، أقول إن هذا الإصرار لم يعد مقبولاً بمنطق العلم وحكم العقل، لأن الوقائع التي كشفت عنها الأيام خلال أكثر من أربعة أشهر دلت على مؤامرة صهيونية نفذتها عصابات عميلة بدعم أمراء الرجعية ولصالح دول الاستعمار في الحلف الأطلسي. ولم يكن مستغرباً من عدوانية الحلف الصهيوني الحالية ضد ليبيا وشعبها، أن تتكرر طبيعتها التاريخية الدالة على التحالف الوثيق بين القوى الرجعية العربية والدول الغربية الاستعمارية، ذلك أن العداء للقومية ومشروع حركتها للنهوض الحضاري المعاصر جمع ويجمع أعداء الأمة من صهاينة ورجعيين على المصلحة المشتركة بين الإخوان المسلمين ومشتقاتهم وشيوخ الخليج وأموالهم لخدمة العدو الصهيوني وتمكين الغرب الامبريالي من الهيمنة على ثروات الأمة ومقدراتها. بدأ هذا التاريخ مع الزعيم الخالد جمال عبدالناصر بتكفير القومية ودعوتها إلى الحرية والاشتراكية والوحدة، ولقد انتصر تحالف الرجعية العربية والحلف الصهيوني في حربه العدوانية على الوحدة بين مصر وسوريا، وعلى مصر الناصرية في عدوان 1967م الذي نفذته الثكنة الاستيطانية بفلسطين المحتلة بدعم شامل وكامل من القواعد العسكرية في ليبيا، التي كان علمها الملكي هو العلم المرفوع الآن من قبل العملاء الجدد وأمراء الرجعية في قطر. ثم سقط العراق، واستشهد الزعيم القومي صدام حسين في مأثرة من المجد لم يتحرك لإدانتها عربي واحد إلا قائد ثورة الفاتح العقيد معمر القذافي. وكانت جريمة الشهيد الخالد صدام حسين هي نجاحه في توطين العلم بأرض العراق، لذلك عملت قوى التحالف الصهيوني على تدمير هذا القطر وإذلال شعبه وقيادته القومية، والتاريخ يَذكر ويُذكر بأكاذيب العدوان التي بررت الجريمة إعلامياً وبمزاعم المعتدين عن وجود أسلحة الدمار الشامل وأسرى الكويت وغير ذلك من دعاوى الحرية والديمقراطية. تعلمت قوى العدوان الصهيوني من تجربة السقوط الأخلاقي لأكاذيبها حول العراق، فأبدعت فنونا للتضليل والخداع السياسي عبر الإعلام.. ركزت بقوة ومنهجية على التشويه الكامل والشامل لشخص العقيد معمر القذافي وشخصيته القيادية، بترويج أكاذيب ثبت زيفها عن إبادة المدنيين في ليبيا من قبل القوات المسلحة والأمنية في الجماهيرية، فخلال أربعة أشهر من دخول فضائية "جزيرة الشيطان" في قطر إلى المدن التي استولت عليها العصابات المسلحة في الشرق الليبي، لم تعرض هذه الفضائية موقعاً واحداً في شوارع مدينة بن غازي، قصفت فيه طائرات الجيش الليبي المتظاهرين سلمياً. وحده الزعيم الصهيوني هنري برنار ليفي كان في بنغازي مدعوماً بوحدات القوات الخاصة البريطانية، يسقط علم الجماهيرية ويرفع بدلاً عنه العلم الملكي الذي كان يحرس عهداً من الهيمنة الغربية على ليبيا بالقواعد العسكرية البريطانية والأمريكية وكذلك بالمستوطنين الطليان، كان هذا في 26 فبراير 2011م، وقد ظهر هذا الصهيوني من الدوحة وعلى "الجزيرة" بصورة القائد الفعلي للعدوانية الأطلسية التي تروج لها "جزيرة الشيطان" في قطر باعتبارها ثورة. ان فظائع التدمير وفواحش الإبادة التي يمارسها الحلف الأطلسي في ليبيا منذ ما يزيد على مائة يوم، تشهد بالحق الذي لا ريب فيه ولا ارتياب.. إن فضائية "الجزيرة" لا تخدم غير العدو الصهيوني وأطماعه ومخططاته العدوانية، فأي عربي من هذا العصر سيصدق أكاذيب الشيطان الصهيوني في قطر وجزيرتها من ثورة يقودها ساركوزي وبيرستلوني وبرنار ليفي، ذلك أن الثورة يصنعها الصامدون في مدن وقرى ليبيا أمام همجية ووحشية حلف القتل والدمار في الأطلسي الممولة من قبل شيوخ الرجعية، تماما كما كان عليه تاريخ الصراع العربي الصهيوني من جمال عبدالناصر إلى معمر القذافي ومن صدام حسين إلى بشار الأسد. وللحديث صلة