إب ..عاصمة السياحة والجمال, هذه المحافظة التي ضمّت بين جنباتها ثلاث حواضر لليمن على مرّ التاريخ بداية بظفار عاصمة الدولة الحميرية في تاريخ اليمن القديم ومن ثم في التاريخ الإسلامي كانت هناك دولتين جعلتا من محافظة إب عاصمة لهما، فمدينة جبلة حاضرة الدولة الصليحية ومذيخرة عاصمة الدولة الإسماعيلية. كل هذا الإرث التاريخي والسياسي وما خلفه من آثار ومواقع شاهدة للعيان على مكانة هذه المحافظة تاريخياً وسياسياً، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً في الماضي، يجعل منها محافظة تستلهم حاضرها من ماضيها التليد ليس هذا فحسب بل لديها إرث أزلي لا ينازعها أحد عليه. فالطبيعة قد ائتمنتها على الجمال والسحر وجعلت منها عروسة تنام على أحضان اليمن السعيدة، فلقد أكسبها موقعها وطابعها الجغرافي مناخاً لا مثيل له.. إذ أنها ذات مناخ معتدل طوال العام مع موجة برد خفيفة في فصل الشتاء وأمطار موسمية طيلة فصل الصيف الذي يُلبسها حلّة خضراء في غاية الجمال والروعة. لذا يُطلق عليها اللواء الأخضر. وتعدّ مركزاً سياحياً متميزاً لما لها من سحر مناظرها الطبيعية الأخّاذة، فتاريخها وطبيعتها كل هذا يؤهلها لأن تكون عاصمة للسياحة. لكن هذا الجمال والروعة في العاصمة السياحية, لا يكفي بحد ذاته في إنعاش حركة السياحة إليها ويعزّز من مكانتها كعاصمة سياحية, طالما بدأت الصراعات الحزبية والمكايدات السياسية التي نتابع سجالاتها وتطوّراتها على وسائل الإعلام الحزبية هذه الأيام, تشوّه هذا الجمال, وتحوّل دون استثماره بشكل فعّال يحقق فوائد ملموسة على أرض الواقع لأبناء المحافظة أولاً وللاقتصاد الوطني ثانياً.. فأبناء المحافظة يعيشون هذه الأيام في قلق وترقّب لما سيؤول إليه حال المحافظة نتيجة الخلافات والمكايدات وتبادل الاتهامات بين أطراف العمل السياسي، رغم حالة التفاهم والهدوء والانسجام الذي كانت سائدة بين هذه الأطراف خلال أحداث وتداعيات الثورة الشبابية التي شهدها الوطن في الأعوام الماضية. والغريب أن تبرز هذه الخلافات والمكايدات في هذا التوقيت بالذات, بعد خروج هذه الأطراف من مؤتمر الحوار الوطني برؤى مشتركة لبناء وتعزيز الدولة الاتحادية, وفي الوقت الذي تستعد فيه المحافظة بسهولها وجبالها ووديانها لارتداء حلتها السنوية الخضراء المفعمة بالجمال الرباني الطبيعي الرائع الذي يجعلها قبلة للزوار وعشاق السياحة البيئية والتاريخية والثقافية والعلاجية وهواة الاستجمام والتمتّع بجمال الطبيعة الخلاّب المنتشر في معظم أرجاء هذه المحافظة الجميلة. وختاماً أتمنى وأرجو من كل أطراف العمل الحزبي والسياسي في محافظة إب, أن يتقوا الله في هذه المحافظة, ويغلّبوا مصالح أبنائها واستقرارها وتنميتها, على مصالحهم السياسية والحزبية, ويتعاونوا معاً من أجل المحافظة عليها وتنميتها ويعملوا بروح الفريق الواحد من أجل أن تكون وتظل إب الخضراء العاصمة السياحية لليمن والوجهة السياحية الأولى والمفضلة للراغبين في الاستمتاع بجمال الطبيعة الخلاب في هذه المحافظة الرائعة بمناخها وهوائها وجبالها وسهولها ووديانها وطيبة وكرم أبنائها. وعلى مختلف هذه الأطراف أن تدرك وتجسّد المعنى الحقيقي والسليم للديمقراطية, في سلوكها وتصرفاتها على أرض الواقع. فالديمقراطية تصبح شرّاً مستطيراً ومبدأً فوضوياً إذا ما ترافقت مع محاولات التوظيف الخاطئ والفهم القاصر والممارسة الانتهازية، التي تجرّد هذه العملية الحضارية من مفاهيمها وقيمها ومقاصدها وغاياتها النبيلة، وتغدو الديمقراطية أشد قسوة من الشمولية والديكتاتورية، وأكثر ضرراً وإيذاءً لحياة الإنسان، إذا ما ابتعدت عن مساراتها، وصارت نافذة لنشر الفوضى، وتعطيل مبدأ سيادة القانون، ووسيلة للمقايضة بين الوطن والحزب، وبين العام والخاص، وبين مصلحة المجتمع ومصالح بعض الأشخاص أو الأفراد وأطماعهم الذاتية والأنانية. كما إن السياسي والحزبي الواعي هو من يدرك جيّداً أن السياسة فن الممكن، وأن الديمقراطية فعل حضاري مبني على الحوار والإقناع والاعتدال في القول والعمل، وأن الديمقراطية سمة من سمات التقارب والتوافق والوفاق، والإطار الذي تحتكم إليه أطراف اللعبة السياسية لحل خلافاتهم وتبايناتهم، جاعلين مصلحة الوطن عنوانهم الكبير، وأية حزبية لا تغلّب مصلحة الوطن على ما دونها من المصالح هي حزبية مبتسرة فاقدة المعنى والدلالة.