أثبت اليمنيون أنهم أهل حكمة عندما قرّروا حل قضاياهم وخلافاتهم وصياغة حاضرهم ومستقبل أبنائهم من خلال الحوار البنّاء والمسؤول، فمثّل مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انعقد خلال الفترة من 18 مارس 2013م وحتى 25 يناير 2014م محطة مهمّة في تاريخ اليمن المعاصر وحياة الشعب اليمني، حيث جرت فيه مناقشة جميع القضايا التي تهم الوطن والشعب حاضراً ومستقبلاً، فكانت مخرجاته مترجمة لآمال وطموحات كل اليمنيين التواقين إلى مغادرة الماضي بكل تعقيداته وطي صفحة الصراعات والخلافات سواءً الحزبية والقبلية أم مراكز القوة والنفوذ المتصارعة على السلطة والثروة والتوجُّه نحو بناء يمن جديد خالٍ من الصراعات والخلافات الحزبية والنعرات المذهبية والطائفية والقبلية. مثّلت مخرجات الحوار الوطني خارطة طريق محدّدة المعالم والأهداف ليسير عليها اليمنيون نحو تحقيق آمالهم وطموحاتهم في بناء اليمن الحضاري الجديد وقيام الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات الدستورية التي تتحقّق في ظلها سيادة الشرع والدستور والقانون على الجميع دون استثناء ويتحقّق في ظلها مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية. لقد أعلنت كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وجميع مكوّنات الشعب اليمني المشائخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية والشباب والمرأة والأكاديميين والمفكّرين والمثقّفين والأدباء والإعلاميين مباركتهم وتأييدهم لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني باستثناء أولئك القلّة من الأفراد أو الجماعات الذين لديهم مشاريع وأجندات خاصة، وهناك آخرون أعلنوا مباركتهم وتأييدهم لمخرجات الحوار ولكنهم في واقع الممارسة العملية يعملون على إجهاضها وعرقلة تنفيذها كونها تتعارض مع مصالحهم الشخصية والحزبية الضيّقة ومشاريعهم الصغيرة، ولذلك نجدهم يعمدون إلى التصعيد وافتعال الأزمات واختلاق المشكلات والخلافات والدخول في نزاعات ومواجهات مسلّحة كما هو الحال في عدد من مناطق محافظات صعدة وعمران والجوف وحجة وصنعاء، ومحاولة جر القوات المسلّحة والأمن إلى خوض حرب خاسرة ضد طرف لصالح طرف آخر؛ كل واحد منهما له مشاريعه وأجندته الخاصة، وهو ما رفضه بشدّة فخامة المشير عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلّحة، مؤكداً أن مؤسسة القوات المسلّحة والأمن ملك الشعب اليمني كلّه وليست ملك حزب أو جماعة أو قبيلة، وأنها وجدت لحماية أمن واستقرار اليمن وسيادته الوطنية وليس خوض حروب عبثية لصالح طرف ضد طرف، ولن توجّه أسلحتها أبداً نحو صدور اليمنيين وإنما ستوجّهها نحو صدور الأعداء والمتآمرين على اليمن ووحدته وسيادته وأمنه واستقراره وكل الإرهابيين والمجرمين من القتلة وقطّاع الطرق والمخرّبين ومن يعبثون بمقدّرات الوطن والأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي. يجب على كل أبناء اليمن التواقين لمغادرة الماضي والمتطلّعين إلى مستقبل أفضل الوقوف إلى جانب القيادة السياسية ممثّلة بالرئيس هادي وكل الشرفاء والمخلصين ومساندة جهودهم لإخراج الوطن من دوامة الأزمات والصراعات والتناحرات إلى بر الأمان والعمل على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وجعلها حقائق مترجمة في الوقع المعاش، فاليمن ملك كل أبنائه، ولذلك فإنه يتوجّب على الجميع كل من موقعه ومكانه أن يسهم بدور فعّال في التصدّي للجرائم الإرهابية والتخريبية والاغتيالات والتقطّعات والنهب والسلب وكل الأعمال الخارجة عن النظام والقانون، وكذا الأعمال والممارسات التصعيدية الهادفة إلى إجهاض مشروع بناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة من خلال إجهاض العملية السياسية وعدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، فالتصدّي لهؤلاء وإفشال مشاريعهم الصغيرة والتدميرية ليس مسؤولية الدولة وحسب بل هو مسؤولية كل أبناء اليمن الشرفاء وواجب ديني ووطني لابد من القيام به من أجل الوطن أولاً وأخيراً.