نكرّر أن جوهر الدولة المدنية يقوم على إلغاء الحساسيات والتمايزات بين مواطنيها؛ بحيث تصون الجميع من الاصطدام أو الغشم أو الاستقواء على قاعدة المواطنة المتساوية أمام القانون وتحت مظلتها كدولة نموذجية تكمن مهمتها الرئيسة الحاسمة في حفظ الهويّة الوطنية الجامعة للمواطنين من ناحية وعدم التمييز بينهم على أساس الحقوق أو الواجبات من ناحية أخرى. وبالمحصّلة فإن تحقُّق الدولة المدنية في هذا السياق هو ما يؤدّي بعملية اتساق الرضوخ الجمعي لها إلى أن تكون مترسّخة بالضرورة لتصبح هي فقط الحارسة المثالية لأحلام مجتمع يريد أن يتعزّز أكثر بالمواطنة المتساوية وبالقانون وبالمحبّة وبالتقدّم والإبداع. ثم إنه عند هذا المستوى بالتأكيد يمكن للهويّات الفرعية أن تصبح شأناً خاصاً في حياة الفرد فقط؛ ما يعني أنه لن يتمكّن أبداً من قسر الآخرين على الرضوخ لمهيمناتها غير الجامعة بأي حال من الأحوال. إذ سيكون التعايش حينها هو سمة المجتمع بهويّته الوطنية الجامعة؛ مجتمع الدولة المدنية الذي لابد أن يتميّز بكافة مظاهر السعادة الوطنية والرخاء المجتمعي من تسامح ووئام ودمقرطة وعدالة اجتماعية وتنوير وتفوُّق أيضاً. [email protected]