فوفو يدرك حقيقة الترابيين، ويعلم أنهم قليلو التفاعل مع الهوائيين من أمثاله. لذلك كان يتجنَّبهم ليقينه بأنهم لا يتقبَّلون ألاعيبه البهلوانية، لكونهم أكثر الناس قدرة على صد تلك الألاعيب. لكن الأمر ليس كذلك مع المائيين والناريين، وقبل أن نتحدث عن علاقة فوفو مع ذوي الطبائع المائية والنارية، لا بأس من إشارات عابرة لطبائع المائيين والناريين، وسنبدأ بالمائيين الذين يتَّسمون بالذكاء السَّوي، والمرونة البالغة، والقدرة على الإبداع؛ ويتفاعلون مع الترابيين تفاعلاً إيجابياً، باعتبار أن الماء والتراب سببٌ حاسم في انتشار الزرع والضرع؛ وبين برازخ تناغمهما الطيني تزدهر الحياة، وتكثر الأشجار ذات الظلال الوارفة، وتنمو الزهور الشَّفَقية، وتصدح الطيور الزنبقية، وتتهادى الفراشات الأفريكانية الذهبية، ناشرةً بهاء حضورها في غابات الأمازون الفِضِّية، هنالك حيث تنبثق واحات الصحراء المُلوَّنة من تضاعيف التزاوج الحي بين الماء والتراب. لا مكان للهواء العاصف في مثل هذه البيئة، ولا قيمة للهوائي الأكروباتي عندما يطال الحديث المائيين والترابيين. غير أن المائيين أقرب إلى الوقوع في شرك فوفو الهوائي، وطبائعه المُدهشة، فرياح فوفو العاصفة تؤدي إلى فيضانات مُدمِّرة، وتحيل الأرض الخضراء إلى يَبَسٍ وموات، تلك التي تُخربشُ جُدران الصورة الزاهية لجمال المكان والزمان، حتى إن العليمين بأمر الهوائيين من البشر يدركون مدى قدرتهم على العبث بالتوازنات، واللعب على كل الحبال، والتنقل من موقع لآخر بحثاً عن فريسة تُنهش، أو مال يُستحوذ عليه، أو مرتبة ينالونها على حين غفلة من دهر المعاني. ذلك ديْدن الهوائي الأكروباتي الأقرب إلى قِرَدة اللعب على الأغصان، والقفز من شاهق لآخر، والضحك على الآخرين، دونما إدراك بأن هذه السعادة الواهية العابرة، ستنقلب عليه عاجلاً أم آجلاً. [email protected]