خلق الله الإنسان من ماء وطين ، ثم فاض عليه بالخصال والسجايا وفي الذروة منها نعمة العقل ، فجاء هذا الإنسان جامعاً لخصال فريدة ، مستوعباً لمعطيات الطبيعة الظاهرة ، سابحاً في مياه الغيوب العميقة . تحدث علماء الإنسانيات عن الخصال الأربع للإنسان، وهي الخواص الترابية والمائية والهوائية والنارية ، ولاحظوا أن هذه الخواص لا تعبر عن المعطيات التكوينية البيولوجية للبشر فحسب، بل أيضاً عما يتجاوز تلك المعطيات من طبائع ومشاعر وسلوك وروحانيات .. والمتأمل لتلك العناصر الأربعة يستنتج دون أدنى صعوبة، صلتها المباشرة بالطبيعة ، كما سيلاحظ خصائص كل نوع من هذه الأنواع ، فالتراب رديف الثبات والاحتضان والتفاعل الحيوي مع الماء ، والماء أصل الحياة وجوهرها البيولوجي المعروف ، والنار بقدر كونها حامية حارقة ، إلا أنها المدخل للنور أيضاً ، والهواء بقدر تقلباته وعواصفه يحمل أيضاً وضمناً بخار الماء المتصاعد من الأرض، فيستحيل مطراً ننعم به ، كما يجعلنا نبحر في البر والبحر ، فبدون الهواء لا يمكن لطائرة أن تطير ، ولا لمركب أن يبحر . يجمع الإنسان الخواص الترابية والمائية والهوائية والنارية ، ولكل خاصية مثابتها ، ولكل مثابة إيجابياتها وسلبياتها ، ولهذا كان البشر أكثر خلق الله قابلية لفعل الخير والشر معا ، وللكلام تفصيل قادم . [email protected]